سلاح ذو حدين، خير وصف لها، تلك الثورة الرقمية والطفرة العنكبوتية التي اجتاحت كل فصول حياتنا اليومية وغزت بيوتنا فتعددت صورها وتنوعت أشكالها من قنوات فضائية وهواتف نقالة وشبكة سلكية ولاسلكية علق الجميع في خيوطها ؛ كان لها كلمة الفصل في تربية الناشئة فقلصت من دور الوالدين التربوي والتعليمي وطال كذلك المؤسسات التربوية التعليمية فشاركتهم قسرا في التربية والتوجيه وتشكيل المفاهيم والتوجهات بل وغرس القيم والمبادئ، فارتبطت عقولهم بما تبثه وسائل التقنية سواء المسموعة أو المرئية أو المقروءة واختفت أغلب طقوس الرقابة الأسرية وانعكس أثرها بما يعرف بالعولمة على الحياة الاجتماعية والسياسية والإقتصادية ؛ مما يتطلب منا الموازنة بين فوائدها الجمة من اختصار للوقت والجهد وسرعة تمرير المعلومات للآخر ودورها الفاعل في التعليم الحديث والحصول على المعلومة والمعرفة وأثرها الدعوي والتربوي ونقل الأخبار المفيدة والهامة والتواصل مع الإنسان في كل مكان والإطلاع على مايدور حولنا. إلا أننا في الوقت ذاته علينا توخي الحذر من خروجها عن الأطر التي وجدت من أجلها فلا نركن إليها في التواصل الاجتماعي وصلة الأرحام ؛ فنجعلها بديلا عن الزيارات والعلاقات الاجتماعية الدافئة فلا تختزل رسالة تهنئة أو مواساة، وأن لاندعها تسلخنا عن الواقع ونحذر من تأثيرها على أدبيات التعامل بين الناس والإشكالات العديدة التي أوجدتها في العلاقات بينهم وانعدام الشعور بالاستقلالية وانحسار أوقات الراحة والمعلومات المغلوطة والكاذبة وافتقادنا الصفاء الفكري والذهني والتأملي. وفي النهاية هي تقنية جعلت في الأصل لخدمة الناس وتعليمهم ورقي مجتمعاتهم وعلينا أن لانجعلها تخرج عن تلك الحدود فيأتي أثرها عكسيا. لطيفة إبراهيم الأحمدي (جدة)