للانضباط مفاهيم محددة أهمها العقوبة على فعل خارج على القانون والنظام؛ والإصلاح؛ والسيطرة وتنفيذ النظم واللوائح والقوانين تحكم حالات محددة في أي مجتمع. وعبر هذا التعريف المبسط نتناول جانبا من العقوبة الانضباطية التي صدرت في حق بعض الأندية نتيجة تصرف «حفنة» من الجماهير، ولا نناقش هنا أعداد الذين مارسوا ذلك التصرف أو طبيعته، والعقوبة ذاتها، فكل الأطراف تملك الوسائل الإعلامية «لإيضاح» وجهة نظرها، كما أن الجهة التي تصدر القرارات العقابية عادة ما تبين دوافع وأهداف قراراتها. الأصل في الانضباط أن يكون عادلا ومنطبقا على الجميع.. تصدره جهة ذات «صفة اعتبارية» تقوم بدراسة كل حالة، والاستماع إلى كافة الأطراف ومراجعة اللوائح والأنظمة المعنية، والاطلاع على الأدلة والبراهين، ومنح كل طرف الفرصة لطرح وجهة نظره.. وبالتالي إصدار قرار قابل للاستئناف. في مجتمعنا الرياضي وكغيره من المجتمعات، ارتكبت «آلاف» المخالفات، ومورست الإساءات والاتهامات، وحالات من القذف والشتائم في وسائل إعلامية بحق كثيرين، وفي صور شتى: بدءا بالهتافات المتشنجة مرورا بمقالات الردح وصولا إلى بعض المنتديات «المنفلتة» حتى أضحى لدينا «بعض إعلام» يستحق مساءلة وعقوبات ملائمة. وكثيرون في الوسط الرياضي على اطلاع بما تحويه هذه المنافذ الإعلامية من افتراءات وإساءات لم تجد رادعا! مقاربتنا لسوء السلوك الرياضي غالبا ما تكون «انفعالية»، وتفتقر إلى المساواة تجاه سوء السلوك الرياضي الأشد عنفا والأكثر ضررا المتناثر عبر وسائل الإعلام المختلفة، وأبرزها: الصحف والمنتديات، ظنا من بعضنا أن هذه مسألة أخرى قد لا يتطلع إليها كثيرون! الرياضة يمكن أن تكون وسيلة للتهذيب، غير أن تبرير بعض التصرفات غير الأخلاقية أو الافتراءات الظالمة تحت أي صفة كانت تخل بهذا التوجه وتعمل على تدميره، وتسعى إلى جعل الرياضة وسيلة للتفرقة والتجني والتناحر الاجتماعي الظاهر والخفي بين فئات تحكمها معطيات وخلفيات قد لا تكون متطابقة بالضرورة والواقع والتاريخ. ولسنا هنا في مجال استجداء أو تعاطف وإنما نسلك سبيل التعبير عن واقع يتراكم منذ سنوات بدءا بالهتافات.. وانتهاء إلى المنتديات.. عبورا بغيرها من الوسائل المدمرة وأخطرها الإشاعات المغرضة. قضية الانضباط خلافية جدلية تناولها العلماء منذ آلاف السنين، وهي معضلة إنسانية لا يمكن أن تجد نهاية منطقية، فالأمر يعتمد على القيم الفردية لكل فرد. وقيمنا تحددها معارفنا وخبراتنا وتعليمنا، وهي محصلة تتباين بين متنافسين على بطولات رياضية! المسألة مرتبطة بما هو «صحيح» أو «خطأ»، ووجهات نظر وتقييم كل منا للخطأ والصواب، ولاختلاف «معاييرنا الرياضية» و«التقويمية» فإن «أحكامنا» تجسد ذات التباين.. لكوننا بشرا «نظن» بأنفسنا «خيرا». قضايا الانضباط في السلوكيات الرياضية لا يمكن حصرها، وإنما يجب التعامل معها «بشفافية وجرأة» وفق ومعايير متساوية، بحيث تكون الإساءة وسوء السلوك ذات جوانب معروفة ومتدرجة يطالها القانون، ووفق مرجعية نظامية قانونية شفافة. البعض يعتقد أن الهدف من الرياضة هو الفوز بصرف النظر عن الوسيلة الأساسية وتلك المساندة، غير أنه انتصار باهت وغير مقبول أو مبرر إذا ما اقترن بالخروج على الثوابت الأخلاقية إلى التعامل مع حالات منفردة لا رابط بينها. ومعظم المنتمين إلى المجتمع الرياضي يدركون الحدود التي يجب التوقف عندها، غير أن بعضهم يستسهل عبورها لاعتبارات ليس أقلها معرفتهم بأنه لن تكون هناك محاسبة نتيجة تمترسهم عبر استعراض بعض المطيبات والاعتذاريات والمدائح المعتادة ثم إفراز ما يريدونه والانعطاف والعودة إلى ما طرح بداية في صور أكثر رونقا لكي «ينجو» من أي «اتهام»! التصرفات غير الأخلاقية غير مبررة، ويجب التحقق منها، وتطبيق اللوائح والقوانين بشأنها، غير أن ما هو مهم أيضا هو وحدة المعايير وعدالة التحقيق والتطبيق، وعدم التواني في مواجهة أي كان بخروقاته ومحاسبته عليها، وإحكام هذا التطبيق العادل على الكل، فالنتائج متشابهة في النهاية، وردود الفعل الانتقامية متوالية يمارسها البعض ب«لذة» مدهشة!!.