«الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حلاوةُ ولاةِ الأمر    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    جدّة الظاهري    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤشرات لا تبشر بمستقبل مزدهر للثورات العربية
مفرقا بين الليبرالية والعلمانية ومنتقدا التطرف الراديكالي .. البليهي ل «عكاظ»:
نشر في عكاظ يوم 26 - 04 - 2012

من البدء كان مختلفا، فحينما كان الباحثون والاكاديميون يرسخون لمفاهيم مقاربة الواقع وتفكيكه من جهة أنه واقع لا مناص منه، كان هو يكرس لمفاهيم لم نتعودها ولم نتعود طرحها، ولكن الوقت أثبت أنه كان سائرا على الطريق الصحيح لأن ما نادى له وبشر به أصبح مع الوقت جزءا من سياق حواراتنا واختلافاتنا إن لم تكن حجر الأساس لكل اختلاف في الرؤية وخلاف في المواقف.
هذا هو إبراهيم البليهي بحمولته الطويلة والعريضة من الاطروحات التي لا يدعي اكتشافها ولكنه يدعو للكشف عنها في مضان حياتنا اليومية الغارقة حتى العظم في الاستهلاك والتداعي.
ولهذا كان لابد أن نحاوره حول اهم ما يطرح الآن في المشهد الثقافي والاعلامي من تساؤلات وحوارات تضع جلها مفهوم الليبرالية في مقدمة أولوياتها في الوقوف معها أو ضدها.. وإلى نص الحوار:
• يتصاعد الحديث في مجتمعنا عن الليبرالية مع أو ضد .. كيف تقرؤون هذا التصاعد؟
• إن تصاعد الحديث عن الليبرالية كمطلب وأمل هو تصاعد منطقي، إنه حديث عن الطموح الإنساني في الوضوح والشفافية والأمانة والعدالة والتنمية المستدامة وتعرية الفساد وتوفير الظروف للازدهار، إنه حديث عن حق أي مجتمع في الحرية والاختيار والكرامة والازدهار، وليس ذلك من قبيل اليوتوبيا الخيالية وإنما أثبتت تجارب إنسانية كثيرة في الشرق والغرب أنه مطلب ممكن ومتاح ومتحقق لشعوب كثيرة لأن لليبرالية تجسيدات حية وجياشة ومتنوعة وشاخصة أمام الجميع، فالليبرالية مطلب إنساني أساسي وليست مطلبا ثانويا وليس غريبا أن تتصاعد المطالبة بها من قبل المحرومين منها وأن تكون الليبرالية مطلبا ملحا لكل الشعوب التي أيقظها التواصل الجديد المتفجر، فقد تعرفت الشعوب على أوضاع المزدهرين في ظل الليبرالية فهالها الفرق الفادح بين أوضاع المزدهرين في ظلها والأوضاع البائسة للمتخلفين بسبب الحرمان منها كالمقارنة بين ماليزيا والسودان أو سنغافورة وكوبا أو السويد وفنزويلا.
الإنسان ابن مألوفه
• لكن التصاعد الأقوى للحديث عنها كان من جانب الذين يرفضونها ويقاومون بشدة الصوت الليبرالي الخافت فكيف تفسر ذلك..؟
• الإنسان كما قال ابن خلدون هو ابن مألوفه مهما كان المألوف بالغ السوء وهذا واضح وملاحظ في كل المجتمعات لذلك فإنه ليس غريبا أن يحارب الناس الليبرالية في المجتمعات المتخلفة رغم أنهم أحوج الناس إليها بما يعيشونه من تذويب لفردية الإنسان وبخس لقيمته وحجب لدوره وتقييد لاختياراته وقمع لإرادته وتحويله إلى مجرد رقم أو شيء لا يعرف كيف تدار الأمور من حوله ولماذا تدار بهذه الطريقة أو تلك مما هو سائد في أقطار كثيرة متخلفة فأي استعراض لأوضاع البلدان المنكودة المتخلفة يكشف هذه الحقيقة المأساوية التي يعيشها الكثير من شعوب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، فكل مجتمع يتبرمج بقالب ثقافي صلد يغريه ويغويه فيستمرئ أن يظل في داخله فهو يفتخر بقالبه ويجهل أنه سبب مآسيه ومصدر اختناقه.
إن الأمور في المجتمعات غير الليبرالية تقوم على الاستئثار والإخفاء وعدم الوضوح، فالمواطن مثل الراكب في طائرة مخطوفة لا يعرف أين الاتجاه ولا أين النهاية ولا كيف ستكون ولكن كما قال المتنبي ((من يهن يسهل الهوان عليه)) فالإنسان بطبيعته يعادي تلقائيا ما يجهله ويرفض بعناد أعمى ما لم يألفه مهما كانت أهميته له لأن تلقائية الرفض وعمى هذه التلقائية لا تتيح إمعان النظر للتعرف على الجديد وإنما يندفع الإنسان تلقائيا للمقاومة العمياء والرفض العنيد وهذه هي المعضلة الإنسانية الكبرى لأنه لا يمكن أن ينعتق الفرد ولا أن يزدهر المجتمع إلا بقبول الجديد والتطلع للمغاير وهو المستوى الذي يتعارض كليا مع رفضه التلقائي الأعمى العنيد لما يجهل، إنها مفارقة مأساوية ولولا هذه المفارقة لما بقيت مجتمعات كثيرة متخلفة رغم توفر إمكانات ووسائل التقدم والازدهار.
وعود الليبرالية
• ما هو تعريفك لليبرالية التي تحمل كل هذه الوعود...؟
• الليبرالية هي الفضاء الإنساني المفتوح الذي لم تتوصل إليه الإنسانية إلا بعد كفاح مرير حيث عانت دهورا طويلة من الاغتراب عن الذات وتعطيل القدرات فظلت حبيسة التلقائية البليدة ولكن بات هذا الفضاء بعد انهيار المعسكر الشيوعي وإزالة جدار برلين وتحطيم الستار الحديدي مطلب ومآل كل الشعوب لأنه يتيح لأي مجتمع أن يحقق إنسانيته بأقصى ما تسمح به الطبيعة البشرية وأن يعترف بفردية كل إنسان وأن يبني نفسه بالشكل الذي يلائمه وفق دينه وقيمه وإمكاناته ومتطلبات حياته، فالليبرالية تعني أن يتحقق بأعلى نسبة ممكنة: الوضوح والشفافية والعدالة والصدق والإخلاص والمساواة والتلازم بين الحقوق والواجبات وتقدير الكفايات واستثمار القابليات وخلق الإمكانات وقطع أسباب الفساد والاستئثار.
فضاء مفتوح
• أنت تعرف الليبرالية بأنها فضاء مفتوح فما الذي تضيفه الليبرالية ما دام أنها فراغ وليست ذات محتوى سابق فهل يمكن أن تزيد الأمر إيضاحا...؟
• الفضاء يعني الإخلاء من العوائق وفك القيود وإزالة السدود وإطلاق طاقات البناء المحبوسة واستثمار العقول المعطلة وإفساح المجال لنمو القابليات الكامنة حيث تصبح المجتمعات حرة في اختيار ما يتم التلاؤم حوله بين قواها الصاعدة، إن كل الأفكار التي منحت الإنسانية إمكانات الازدهار وفجرت طاقات الإبداع كانت إطلاقا للطاقات المعطلة وتخفيفا من القيود السائدة وتوسيعا لفضاءات المبادرات الفردية والجماعية وفتحا لآفاق النشاط للعمل الجاد والفكر الخلاق فالفكرة الليبرالية لا تقدم بديلا محددا عن أي وضع قائم وإنما هي تفترض أن يتوفر الفضاء الضامن للاختيار الحر في مناخ من الحرية المنضبطة بالشرع والقانون وبذلك يتدفق النشاط وتتاح المشاركة ويتحقق التكامل والإبداع والانتاج وينفك المجتمع من قيوده المعيقة ويتاح فيه التنافس الحر بين القوى في فضاء مفتوح لكل الأفراد والفئات والاتجاهات فيكون للمجتمع في هذا الفضاء حق الاختيار بين بدائل كثيرة فالمجتمع في هذه الحالة يتحرك في فضاء مفتوح فهو الذي يتولى تصميم البناء البديل وفق دينه وقيمه ومعطيات تاريخية وطموحاته ومتطلبات حياته مستفيداً من التجارب الثرية المتنوعة للمجتمعات المزدهرة فيبني البديل بنفسه دون أي تحديد من خارجه، فالليبرالية فضاء مفتوح وليست بديلا جاهزا ولكل مجتمع أن يبني في هذا الفضاء من المؤسسات والنظم وأن يتخذ من الآليات ما يناسبه ويحقق طموحاته.
الدين والليبرالية
• الكثير من الناس يعتبرون الليبرالية معادية للدين أو بديلا عنه وهذا يتعارض مع قولك بأنها فضاء مفتوح..؟
• العقل يحتله الأسبق إليه وقد احتلت أذهان الناس تصورات خاطئة عن الليبرالية، فالمتشددون توهموا أنها ذات محتوى وأنها تتعارض مع الإسلام أو أنها بديل عنه وجهلوا أنها فضاء مفتوح من غير محتوى باستثناء أن يكون المجتمع حرا ثم ينظم نفسه بما تتفق عليه تياراته الفاعلة وما يقتضيه دينه وقيمه وظروف حياته، أما الذين لهم ميول يسارية أو قومية فقد كرهوا الليبرالية وحاربوها لأنهم خلطوا بينها وبين الاستعمار والرأسمالية أو الامبريالية فانغلق الجميع على تصور خاطئ ولم يحصل لهم ما يوقظهم ليعيدوا فحص تصورهم الخاطئ.
العلمانية المتطرفة
• هل الليبرالية والعلمانية تعنيان الشيء ذاته أم هما مفهومان مختلفان؟
• يخلط الكثيرون بين الليبرالية والعلمانية المتطرفة وهما مفهومان مختلفان فالليبرالية كمفهوم سياسي واقتصادي واجتماعي تعني الحرية المحكومة بالمؤسسات وبالقانون، أما العلمانية فهي رد فعل عاطفي ضد التسلط التاريخي للكنيسة، فالعلمانية المتطرفة موقف أيديولوجي مضاد للدين ويعود ذلك إلى أنه كانت أوروبا في العصور الوسطى تعيش تنازعا للسلطة بين رجال الكنيسة من جهة والأمراء والملوك والنبلاء والإقطاعيون من جهة أخرى وهذا التنازع للسلطة دفع بعض الزعماء والأمراء إلى مناصرة ثورة الإصلاح الديني التي قام بها مارتن لوثر لمواجهة ومقاومة سلطة الكنيسة وكفها عن التسلط وبذلك بدأت تنتشر أفكار علمنة الحياة بحيث تدار أمور السياسة والتعليم والاقتصاد وكافة الحقول الدنيوية من منطلق مدني بحت، لكن المقاومة العنيفة الشرسة من الكنائس جعلت رد الفعل من الدنيويين (أي العلمانيين) يتسم أحيانا بالعنف والتعصب وعدم المعقولية فلم يكتفوا بهذا التقسيم للأدوار وإنما رأوا أن التسامح مع الكنائس سوف يفتح الأبواب لعودة التسلط واحتكار القول فصاروا يحاربون أي مظهر للتدين كما هو حاصل في فرنسا...
أما موقف الليبرالية فيختلف اختلافا نوعيا عن موقف العلمانية المتطرفة فالليبرالية فضاء مفتوح لكل الاتجاهات وعلى رأسها المؤسسات الدينية دون أي تمييز أو استبعاد أو تعصب فهي تقوم على مبدأ المساواة والمواطنة إنها لا تفرق بين الانتماءات ولا تنحاز لاتجاه دون آخر إنها تضمن الرعاية التامة للمؤسسات الدينية أكثر أحيانا من رعايتها للمؤسسات المدنية غير الرسمية لكنها لا توافق بأن تتسلط الكنيسة وتهيمن على الاتجاهات الأخرى فهي تحترمها وتفتح لها المجال للنشاط والحركة والتأثير لكنها لا تسمح لها بالتسلط والانفراد واحتكار القول الفصل...
إن حضور المؤسسات الدينية كمنافس يتجلى بوضوح من أسماء الأحزاب في المجتمعات الليبرالية فحين تستعرض أسماء الأحزاب في ألمانيا مثلا أو غيرها تجد أن بعض الأحزاب تحمل أسماء دينية كالحزب الديمقراطي المسيحي، فالليبرالية لا تستنكف أن يخوض الممثلون للاتجاهات الدينية المنافسة السياسية كأحزاب تؤمن بمرجعية الانتخابات وتقر بمبدأ تداول السلطة فالاعتراض فقط على التسلط والاحتكار أما حق التنافس فمفتوح للجميع...
المعسكر الشيوعي
• هل في العالم أنماط تجسد الاتجاه الليبرالي وأخرى تجسد الاتجاه العلماني..؟
• كان المعسكر الشيوعي الذي كان يجمعه حلف وارسو ويقوده الاتحاد السوفييتي يطبق أعنف تجليات العلمانية المتطرفة فهو لا يكتفي بمنع الكنيسة من توجيه شؤون الدين والدنيا وإنما كانت الأنظمة الشيوعية تحارب الأديان حربا شعواء وهذه هي العلمانية المتطرفة ومنها علمانية تركيا في عهد أتاتورك ومنْ ساروا على نهجه حتى انعتقت تركيا أخيرا في عهدها الجديد من هذا التطرف العلماني، وكذلك كانت الأنظمة العسكرية في العالم العربي كحزب البعث في سوريا والعراق فقد كانت تلك الأنظمة تطبق الرؤية العلمانية المتطرفة بكل رعونة وصلف وتعسف، أما البلدان الديمقراطية الحرة فتأتي فرنسا كنموذج يلتزم بالعلمانية المتطرفة ففرنسا تتوجس من عودة التسلط الكنسي لذلك فهي تحارب أي مظهر للدين أو التدين بعكس ألمانيا والنمسا وسويسرا وإيطاليا وبريطانيا وأسبانيا...إلخ حيث تتجاور فيها المؤسسات الليبرالية مع المؤسسات الدينية دون أي حساسيات.
أما تجسيدات الليبرالية الحقيقية في المجتمعات الديمقراطية الحرة فتتجلى في الدول الاسكندنافية (السويد والنرويج وفنلندا والدانمارك) وكذلك في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا، فأمريكا رغم ليبراليتها ترعى الكنائس رعاية خاصة تنص عليها القوانين ولها نشاطات كبيرة ومتنوعة لكنها تبقى كاتجاه يحترمه القانون لكن المجتمع لا يخضع له خضوعا قسريا ولا يسمح لسلطته بأن تمتد خارج مجاله فللكنائس في أمريكا حق الدعوة والتبشير بكل الوسائل ولرجال الدين حق النقد وتقديم الرأي فالكنائس تمثل واحدا من الاتجاهات المهمة في أمريكا وتقدم الرأي لكنها تعرضه ولا تفرضه كغيرها من الاتجاهات...
المجتمعات العربية
• وماذا عن العلمانية والليبرالية في المجتمعات العربية والإسلامية..؟
• في ماليزيا يسود الفضاء الليبرالي وهو الذي أتاح لها هذا الازدهار الباهر ففي ماليزيا اختلافات دينية وعرقية لو تأججت لأغرقتها في الوحل لكن حكمة مهاتير محمد أنقذتها من هذا المصير باعتماد الفضاء الليبرالي، أما تركيا فقد أغرقها أتاتورك بعلمانية متطرفة خلال سبعين عاما أو أكثر وقد سبب لها هذا التعنت العلماني الكثير من المشاكل والإعاقات، لكن علمانية تركيا المتطرفة هي التي هيأتها بأن تنتقل إلى ليبرالية مفتوحة تتسع لكل الاتجاهات دون تمييز باستثناء التعصب القومي الذي ما زال قويا وهو تعصب يتعارض مع مقتضيات الفضاء الليبرالي المفتوح.
الربيع العربي
• هل يمكن أن نقول عن تونس ومصر وليبيا بأنها بعد الربيع العربي تعيش في فضاء ليبرالي..؟
تونس حسمت أمرها وحددت المسار فصارت في محك التجربة والامتحان وننتظر ماذا تنتهي إليه هذه التجربة الليبرالية الوليدة المحفوفة بالمخاطر والمعوقات وهي في الغالب معوقات ثقافية أما مصر وليبيا فقد أزيل فيهما العائق السياسي ولكن العائق الثقافي مازال يهدد المستقبل وقد يعيدهما إلى وضع لا يقل انغلاقا عن سابقه فالمؤشرات لا تبشر بمستقبل ليبرالي مزدهر فليس واضحا كيف ستستقر الأمور فكل الاحتمالات ممكنة إنها ما زالت تتحرك في الفضاء الليبرالي لكن حركتها تتجه نحو الاضطراب أو ربما نحو الانغلاق، إنها ما زالت في مرحلة المخاض العسير فلم يتحدد اتجاهها بعد، إن لدى كل من مصر وليبيا فرصة عظيمة سانحة لتأكيد الفضاء الليبرالي فهو فضاء متوفر حاليا لكن عوائق ثقافية وحزبية وعربية قد تؤدي إلى ضياع هذه الفرصة العظيمة وإعادة الإغلاق أو إشغال هذا الفضاء بما يتعارض مع الليبرالية المفتوحة، فالصراع على السلطة تخوضه أحزاب لم تتآلف مع الفضاء الليبرالي بل هي نتاج عهود الاستبداد وتخضع لثقافة منغلقة، إن الممارسة الليبرالية لا تصبح حقيقة حية حتى يمارسها الشعب ويعتادها فتتحول الأفكار الليبرالية إلى سلوك تلقائي للقيادات والشعب.
منظومة المفاهيم
• عند ذكر الليبرالية تتوارد إلى الذهن منظومة من المفاهيم كمفهوم النزعة الإنسانية ومفهوم النزعة الفردية ومفهوم الحرية ومفهوم الديمقراطية .. كيف تتقاطع هذه المفاهيم..؟
• إن النزعة الإنسانية والنزعة الفردية من أهم مقومات الليبرالية أما مفهوم الحرية فهو المرادف لمفهوم الليبرالية، فالليبرالية هي الحرية المحكومة بالمؤسسات والشرع والقانون، وأما الديمقراطية فهي الآلية التي تتجسد بها الليبرالية ويجب أن نفرق دائما بين (الحرية) كمفردة في القاموس و(الحرية) كمفهوم سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي فعدم التفريق يجعل البعض يتوهمون أن الحرية هي الانفلات أو يغفلون أنها محكومة بالمؤسسات والشرع والقانون فينزلقون إلى مفهوم آخر هو الفوضوية، فالفوضوية مفهوم سياسي اجتماعي متطرف قال به بعض المفكرين أمثال باكونين لكنه حاليا لم يعد محل اهتمام لأنه ينادي بغاية مستحيلة.
إبراهيم بن عبد الرحمن بن سليمان البليهي.
مواليد 1944م/1363ه
كاتب ومفكر سعودي وعضو في مجلس الشورى السعودي.
ولد في محافظة الشماسية التابعة لمدينة بريدة في منطقة القصيم.
يحمل شهادة في الشريعة الإسلامية من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
لديه العديد من النظريات الفلسفية التي أطلقها من خلال كتاباته ومقابلاته. كما قدم للمكتبة السعودية والعربية عدة أبحاث ك«القيادة والانقياد» و«العقل البشري» و«عبقرية الاهتمام» و«العلم و«مهارة الأداء» و«الكلال المهني».
نال بحثه الجامعي درجة الامتياز فتولت كلية الشريعة بالرياض طبعه ونشره.
عمل بعد تخرجه مباشرة رئيسا لبلدية حوطة بني تميم من 1392ه.
رئيس بلدية خميس مشيط في 1393ه.
رئيس بلدية مدينة حائل من 1396ه.
مدير عام الشؤون البلدية بالشرقية 1404ه.
مدير عام الشئون البلدية بالقصيم من 1405ه حتى تقاعد في سن الستين سنة.
المؤلفات والبحوث
بنية التخلف وهو جزء صغير من مشروع فكري متكامل يعمل على تحضيره في الوقت الحالي.
وأد مقومات الابداع.
مكمن التقدم عن أهمية الطاقة الإنتاجية والإبداعية.
النبع الذي لا ينضب وهو عن أهمية الجهد البشري في تحقيق الازدهار.
سيد قطب وتراثه الأدبي والفكري وهو بحث جامعي بامتياز.
يعمل على إنجاز مشروع فكري ضخم حول تأسيس علم الجهل وحصون التخلف وعبقرية الاهتمام والعقل البشري: إمكاناته ونقائصه. له المئات من المقالات الصحفية التي عالج من خلالها الكثير من المواضيع المميزة. والعديد من المقابلات في وسائل الاعلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.