في الوقت الذي يعاني فيه الرياضيون من ذوي الاحتياجات الخاصة من غياب وعدم توفر المنشآت الخاصة بهم من أندية وملاعب وصالات تدريبية، علت الأصوات هنا وهناك تطالب بضم هؤلاء المعاقين ودمجهم في الأندية الرياضية، بحيث يتم إدراج فرق خاصة برياضة ذوو الاحتياجات الخاصة، حيث يمثل هؤلاء المعاقين هذه الأندية كما هو الحاصل في بعض الدول الأوروبية التي سمحت لمعاقيها بتمثيل أنديتهم، وقد اختلفت وجهات النظر بين مسؤولي الأندية والمدربين واللاعبين في مجال رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة حول هذه القضية التي ينظر لها كل طرف من منظوره الخاص. اعتذارات وتبريرات يتحدث نائب رئيس النادي الأهلي المهندس خالد عبد الغفار عن هذه القضية فيقول: لا أعتقد أننا جاهزون لمثل هذه التجربة، فذوي الاحتياجات الخاصة يحتاجون إلى نوع خاص من التعامل من وجهة نظري، فكل إعاقة تحتاج إلى مدربين متخصصين، إضافة إلى كوادر إدارية محترفة قادرة على التعامل مع هذه الفئة، وهذا بالطبع غير موجود في الأندية، إضافة إلى أن معظم الأندية تعاني من ضائقة مادية كبيرة، فهي تسعى إلى تقليص الألعاب لديها، وهذا يعني أنها ليست مستعدة لإضافة ألعاب جديدة وفرق أخرى، لأن ذلك يعني طواقم فنية وإدارية إضافية وبالتالي مبالغ مالية طائلة تحاول الأندية الهروب من دوامتها. قلة المنشآت يقدم المشرف العام على الألعاب المختلفة بالنادي الأهلي أحمد بصفر مبررات قوية بهذا الخصوص فيقول «من المستحيل أن يجد ذوو الاحتياجات الخاصة مكانا لهم في الأندية، فهي ليست مهيأة أبدا لتواكب احتياجاتهم الخاصة، إضافة إلى أن هناك معضلة رئيسية تواجه الأندية، وهي قلة المنشآت التدريبية وعدم توافرها بالشكل المطلوب، فنحن في النادي الأهلي على سبيل المثال لا توجد لدينا سوى صالة واحدة وهي صالة الأمير خالد بن عبد الله، مما يضطرنا لاستئجار صالات خارجية لاحتضان جميع الفئات السنية التي لا تجد الوقت لممارسة تمارينها في الألعاب المختلفة بسبب انشغال الصالة الرئيسية بتدريبات الفريق الأول فكيف سيجد ذوو الاحتياجات الخاصة البيئة التدريبية المناسبة في هذه الأندية التي تعاني من قلة إمكانياتها وسوء بنيتها التحتية». قصور كبير وفي ذات السياق، اعتبر عضو مجلس إدارة نادي الهلال حسن الناقور دمج المعاقين في الأندية الرياضية ظلما كبيرا لهم، حيث إنهم لن يجدوا ذلك الاهتمام الذي يوليهم إياه الاتحاد السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة، وقال الناقور«هذه الفئة غالية على قلوبنا جميعا، ونبحث لها عن الأفضل ولن نرضى بغير ذلك، ورغم ما وفرته الدولة حفظها الله من خدمات وتسهيلات ذوي الاحتياجات الخاصة في المطارات والدوائر الحكومية والمرافق العامة، إلا أن الأندية الرياضية ما زالت قاصرة وعاجزة عن استيعاب هذه الفئة التي تحتاج إلى اهتمام كبير ومتابعة خاصة لن تحظى بها في الأندية التي تركز بشكل كبير على اللعبة الجماهيرية الأولى وهي كرة القدم وتهمش الألعاب الأخرى؛ لذا أعتقد أن استقلالية رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة باتحادها ولجانها المتخصصة أفضل من دمجها في الأندية الرياضية في الوقت الحالي على الأقل حتى تصبح الأندية جاهزة تماما لاحتضان هذه الفئة من جميع النواحي». عهد جديد من جهته، أكد نائب رئيس نادي الاتحاد أيمن نصيف أن عملية دمج الفرق الرياضية لذوي الاحتياجات الخاصة في الأندية الرياضية ليست مستحيلة لكنها صعبة جدا في الوقت الراهن، وقال نصيف «حاليا لا نستطيع أن نقول أن الأندية قادرة على استقبال ذوي الاحتياجات الخاصة ليمارسوا فيها ألعابهم الرياضية؛ لكننا في الوقت نفسه لابد أن نقول أن الأمر راجع برمته للرئاسة العامة لرعاية الشباب التي لو اعتمدت قرار دمج المعاقين في الأندية، فأعتقد أن الأندية ستسارع بتهيئة جميع الظروف وتذليل كافة الصعوبات حتى يتسنى لهؤلاء المعاقين ممارسة الرياضة بكل راحة ودون معوقات، ولا أعتقد أن هناك صعوبة في ذلك فالأندية تدخل الآن عهدا جديدا يميزه الاستثمار الرياضي من خلال عقود الرعاية التي تدر عليها مبالغ طائلة ولن تكون الأمور صعبة، فيما لو خصصت الأندية جزءا من ميزانيتها لدعم هؤلاء المعاقين الذين سيمثلون النادي والمنتخبات الوطنية». من جانبه، الدكتور محمد السليمان مدير الكرة بالفريق الاتحادي اختلف معه حيث يرى السليمان، أن الأندية غير مجهزة لكي يدخلها المعاق، فلا توجد تلك الممرات والمنزلقات الخاصة بهم للتجول في منشآت النادي، فكيف بممارسة الرياضة فيها؟! وقال السليمان النظام الهندسي لكثير من المباني في المملكة بما فيها الأندية الرياضية غير ملائمة لذوي الاحتياجات الخاصة، فالمعاق يجب أن يدخل النادي ويستخدم مرافقه دون مساعدة من أحد وهذا بالطبع لن يحدث في ظل العوائق الكثيرة الموجودة في منشآت الأندية لذا أعتقد أننا لسنا جاهزين لهذه الخطوة على الإطلاق ولابد من التفكير في إنشاء مجمعات رياضية خاصة بهذه الفئة حتى يتسنى لها ممارسة الرياضة دون مواجهة العقبات. المدربون في حيرة اختلفت وجهات النظر والآراء بين مدربي المنتخبات والفرق الرياضية لذوي الاحتياجات الخاصة، فمدرب المنتخب السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة لألعاب القوى التونسي سامي الزرلي يرى أن دمج المعاقين في الأندية الرياضية أفضل من تخصيص أندية لهم؛ لأن دمجهم مع الأصحاء سيعطيهم دفعة معنوية أكبر لتقديم الأفضل، ويقول الزرلي في تونس على سبيل المثال توجد فرق رياضية لذوي الاحتياجات الخاصة داخل الأندية وهذا أكسب المعاقين هناك خبرة كبيرة نتيجة احتكاكهم بالأصحاء فتطورت مستوياتهم بشكل كبير، وقال«أعتقد أن الأندية السعودية قادرة على اتخاذ هذه الخطوة بما تملكه من إمكانيات كبيرة وميزانيات ضخمة تصرف معظمها على لعبة كرة القدم، فنشاهد الملايين تعطى للمحترفين الأجانب في حين لو منح هؤلاء المعاقين الفرصة فسوف يثبتون أنهم قادرين على تحقيق الإنجازات وتمثيل الأندية خير تمثيل ولا أبالغ إذا قلت أن هناك معاقون قادرون على منافسة الأصحاء والتفوق عليهم في عدد من الألعاب الرياضية». تفعيل ضروري ويملك المدرب الوطني الكابتن عبد العزيز الخالد وجهة نظر معاكسة، حيث يرى مدرب المنتخب السعودي لكرة القدم لذوي الإعاقة الذهنية الحاصل على بطولة كأس العالم مرتين على التوالي، أن الأندية غير مهيأة ولو بنسبة 1 في المائة لدمج المعاقين فيها، فهي غير مجهزة على صعيد المنشآت والملاعب والصالات ولا حتى على صعيد الكوادر التدريبية، ويقول الخالد«أعتقد أن المعاقين يحتاجون إلى أندية خاصة بهم مجهزة بالكامل ومزودة بأحدث الأجهزة والآلات المساعدة المستخدمة في رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، وأتمنى أن يتم تفعيل هذه الأندية خاصة، وأن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله قد أمر بإنشاء خمسة أندية في خمس مناطق قبل عدة أعوام لكنها لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن، وأرى أن هذه الأندية ستكون متنفسا لهؤلاء المعاقين الذين سيجدون فيها الفرصة لتأهيل أنفسهم رياضيا، إضافة إلى أن هذه الأندية ستغدو رافدا مهما لمنتخبات ذوي الاحتياجات الخاصة التي تحقق دائما الإنجازات المشرفة باسم هذا الوطن الغالي». ويتفق معه في هذا الرأي كل من الكابتن عادل النيسان والكابتن فايز الشهري، وهما من مدربي منتخب ذوي الاحتياجات الخاصة لألعاب القوى في فئة الإعاقة الذهنية، حيث يرى كل منهما أن الأندية الخاصة بالمعاقين هي الحل الأمثل؛ لأن الأندية ينقصها الكثير والكثير لتصبح مكانا ملائما لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة. رفض قاطع وفي الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن هذه القضية ويبدي برأيه فيها، يقف ذوو الاحتياجات الخاصة الرياضيون موقف الرفض من دمجهم في الأندية الرياضية، حيث يرفض الكثير منهم التطفل على الأندية، فها هو لاعب المنتخب السعودي لكرة السلة كراسي متحركة الكابتن سفر الحقباني يقول: «نرغب في أن تكون لدينا أنديتنا الخاصة بنا دون أن نفرض أنفسنا على الآخرين، فقد مللنا من التجاهل والتهميش، ونتمنى أن تتم المسارعة بإنشاء مقرات الأندية الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة حتى نستطيع الانتظام في التدريبات وتطوير مستوانا حتى نصبح قادرين على المنافسة في البطولات القارية والعالمية». ويتساءل لاعب المنتخب السعودي لألعاب القوى في لعبة رمي القرص الكابتن فهد الدرعان«إلى متى سنضطر من مكان إلى آخر للتدريب، ومتى سيصبح لدينا أندية خاصة برياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، كما هو الحال في كثير من دول الخليج والدول الأوروبية». ويضيف الدرعان قائلا: «أعتقد أننا نستحق أن يكون لنا مكاننا الخاص الذي نجد فيه الفرصة لإثبات أنفسنا، حيث إننا تفوقنا على الكثير من الظروف وحققنا العديد من الإنجازات رغم ضعف الإمكانيات وقلة الفرص».