من المظاهر الحسنة في الإجازة الصيفية مظهر الإقبال على الزواج حيث تكثر الزواجات ولا شك ان كثرتها ظاهرة حسنة فالزواج فيه من الفوائد ما لا يحصى وهو تأسٍ بأنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام قال تعالى: (ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية). ومع ما في الزواج من الفوائد والمنافع الا أنني أحب ان انبه إلى أمر مهم جداً الا وهو المحافظة على الرابطة الزوجية وعدم التهاون بها وذلك ان بعضاً من المتزوجين يتساهل في هذه الرابطة وينهيها بالطلاق وقد يكون من أسباب ذلك عدم تأهيل الزوجين فإن تأهيلهما قبل الزواج أمر في غاية الأهمية، فقد يتحمل الأب تكاليف الزواج وحينئذ لا يفكر الشاب بالخسارة المادية كما انه لا يفكر كثيراً في التسبب بالاضرار بزوجته وأسرتها بسبب طلاقه علماً ان الطلاق قد يكون حلاً في بعض الأحيان ولكنه على أضيق نطاق، فتشريعه من الرحمة والتيسير إذا أصبحت الحياة الزوجية صعبة لا تطاق. يقول الله تعالى: (وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته). ولكن ان يوقع الطلاق لأسباب هينة قد تكون تافهة يمكن علاجها بكل سهولة فهذا هو المشكلة. فما أبرز الأشياء التي ينبغي ان يؤهل المقبلون على الزواج عليها؟ وللاجابة عن هذا السؤال أقول ان من أهم التأهيل الذي ينبغي ان يوضع في روع الشاب قبل اقدامه على الزواج وكذلك الزوجة ما يلي: - تأهيلهما بأن الزواج مسؤولية فالمتزوج سوف يتحمل مسؤولية زوجته تلك المرأة التي كانت ملء سمع وبصر أهلها وكانوا مسؤولين عنها منذ ولادتها حتى زواجها وقد انتقلت المسؤولية من أهلها إلى زوجها. وقد تمرض الزوجة فيتحمل الزوج مسؤولية مراعاتها، والبيت مسؤولية أيضاً سواء، فيما يحتاج إليه الزوجان أو في ألا يوجد في البيت ما حرم الله فذلك مسؤولية الزوج. والأولاد مسؤولية أيضاً فوقايتهم من النار واجبة على الزوج والزوجة، وذلك بتربيتهم على الخير، وقد يفتقر الزوج وحينئذ على الزوجة ان تتحمل فقر زوجها وتصبر على ذلك. والمقصود ان من يريد الزواج فعليه ان يؤهل لتلك المسؤوليات وهي ميسرة سهلة متى ما وجدت النية الصالحة. - تأهيلهما بأن الزواج تضحية بأشياء يحبها الإنسان فلابد ان تتغير نظرته إلى هذه الأشياء بعد الزواج فقد يكون للزوج مثلاً أصدقاء يجالسهم وقتاً طويلاً ولاسيما في الليل وهو يريد بعد الزواج ان يستمر في مجالستهم حتى ولو إلى ساعة متأخرة من الليل مع ان ذلك على حساب الزوجة التي تجلس وحدها الساعات الطوال والزوج مشغول مع أصدقائه ان لها حقاً كما ان لهم حقاً فلابد ان يعطى كل ذي حق حقه. وكذلك الأمر بالنسبة للزوجة لابد ان تتأقلم مع وضعها الجديد ولا تحرج زوجها بكثرة زيارتها لأهلها وجلوسها عندهم. ومما يدل على ان الزواج تضحية ان أم سلمة رضي الله عنها ضحت بالزواج من صفوة الخلق من أجل تربية أيتام عندها فقد خشيت الا تقوم بحق الزوج ان قامت بحق اليتامى أو الا تقوم بحق اليتامى إن قامت بحق الزوج ولكنها في النهاية استجابت لطلب الرسول الله عليه وسلم بعد ان أقنعها. - ومما ينبغي ان يؤهل له المقبلون على الزواج من أبناء وبنات ان الزواج فيه مساحة للاختلاف في الأشياء التي يسوغ فيها الاختلاف فالاختلاف سنة من سنن الله لا تقوم الحياة بدونه (وهو لا يفسد للود قضية) كما يقال فلابد إذاً من تقبل الخلاف وتحمل وجهة النظر الأخرى. فيعتقد الزوج مثلاً ان رأيه صواب في بعض الأشياء يحتمل الخطأ ورأي زوجته خطأ يحتمل الصواب وتعتقد الزوجة ان رأيها في بعض الأشياء صواب يحتمل الخطأ ورأي زوجها خطأ يحتمل الصواب. - وينبغي تأهيل الزوجين بضرورة المشاورة واحترام رأي كل منهما وتقديره والقيام بالحقوق الزوجية الواجبة على كل منهما وينبغي ان يؤهل الزوج ان هذه المرأة التي تزوج بها إنما هي بمثابة الأسير فهي بحاجة دائماً وأبداً إلى رحمته وعطفه وحنانه وشفقته وتقديره لها والاهتمام بوجهة نظرها لينال الخيرية التي وعد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (خيركم خيركم لأهله) والله يقول وبهديه يهتدي المهتدون: (ولا تنسوا الفضل بينكم). اسأل الله بأسمائه وصفاته ان يوفق أبناء المسلمين وبناتهم وان يكفيهم شر الشياطين والحاسدين إنه تعالى جواد كريم.