عرف الضبع بأنه من أكثر الحيوانات لؤما وقبحا ودناءة وخسة. لذلك ظل على مدى التاريخ موضع ذم وتحقير وازدراء، ومن علامة لؤمه أنه لايواجه خصومه وجها لوجه بل يتربص بهم الدوائر حتى يباغتهم وهم عنه غافلون، فهو أعجز من أن يواجه أسدا أو نمرا في ساحة مكشوفة. ومن علامات قبحه أن رأسه الكبير لا يحمل أدنى درجة من درجات الذكاء وإنما هو مجرد رأس متصلب توجد فيه قواطع حادة قادرة على أكل الأخضر واليابس، وقبحه في الشكل قد لا يجاريه فيه إلا الخنزير الذي يشترك معه في عدة صفات وضيعة، ومن علامات دناءته أنه يعتمد في حياته على الجيف التي تترك على الطريق فيأتي هو ليأكل منها لأنه قلما يقوم بالصيد الذي يحتاج إلى جهد ومثابرة وإنما ينتظر من يقوم بذلك الجهد ثم ينتظر مرة أخرى حتى تفرغ الكواسر من تناول صيدها فيأتي إلى الصيد زحفا ليلتهم من الجيف ما يحتاجه وما لا يحتاجه منها، ومن علامات خسته ووضاعته أنه لايحمل أي صفة من الصفات الجيدة التي يحملها غيره من الحيوانات فلا هو كالأسد في قوته وسطوته وعزته في الغابة ولا هو كالكلب في الوفاء ولا كالنمر في الإقدام والانقضاض وجمال المظهر، بل إنه أدنى من الثعلب الذي يمتاز بالحيلة والذكاء وحسن التدبر، وهذه الصفات الذميمة المذمومة التي تجمعت في الضبع جعلته محتقرا، وجعلت من يتمثل بشيء من طباعه من البشر محتقرا مثله، فالإنسان الضبع هو الذي يأكل أموال الأيتام والأرامل بطرق شتى تحت ذرائع مختلفة وهو الذي لا يواجه الرجال وإنما يغدر بهم أو ينازلهم بالوكالة ومن وراء جدر، وهو الذي يؤمن بالميكافيلية التي تجعل الغاية تبرر الوسيلة مهما كانت درجة دناءة الوسيلة من كذب وافتراء وزور وبهتان، وهو الذي يمارس الغش والخديعة والزيف والمكر ضد الآخرين وهو الذي لا يتورع عن فعل أي شيء من أجل تحقيق أهدافه الخبيثة، وهو الذي إذا قيل له اتق الله أخذته العزة، وهو الذي يقوده غروره واستكباره إلى أن يقصمه الله في نهاية الأمر لأنه ارتدى رداء الكبرياء ونازع خالقه فيه.. فما أقبح الضبع وما أقبح من تخلق بشيء من خلقه وشاركه فيه حتى أصبح ينطبق عليه مسمى: الضبع!.