مؤتمرات كثيرة تعقد في هذا البلد أو ذاك لمناقشة قضايا اللغة العربية وعلاقتها بهوية الأمة ومستقبلها الحضاري والثقافي والأمني، الجامعات تتبنى هذه المؤتمرات أحيانا والمجامع اللغوية والمنظمات المتخصصة أحيانا أخرى. واللغة العربية تتميز عن اللغات الأخرى بأنها جزء من الدين لا يمكن أن تنفصل عنه، وكلما قويت في نفوس أصحابها قوي الدين في نفوسهم، كما أنها في الوقت نفسه تمثل انتماء قويا للوطن وأهله ونظامه. الجامعة الإسلامية في مؤتمرها «اللغة العربية ومواكبة العصر» الذي عقدته في الأسبوع الفائت ومن خلال الأبحاث التي نوقشت حاولت البحث حول علاقة اللغة مع مواكبة متطلبات العصر التي تتجدد والتي تتطلب أحيانا ألفاظا ربما لا تكون في مفردات اللغة خاصة في القضايا العلمية المتنوعة. وبطبيعة الحال فإن طبيعة المؤتمر وتنوع الباحثين وتعدد بلدانهم تقتضي الحديث عن قضايا مهمة تعترض مسيرة اللغة العربية، مثل اللهجات العامية، وغزو اللغات الأخرى، وضعف إمكانات المدرسين أحيانا وعزوف بعض أبناء اللغة عن تعلمها واستبدالها بلغات أخرى، إلى غير ذلك من القضايا التي تحول بين اللغة وأبنائها ومن ثم يبدأ تأثرهم بكثير من القضايا السلبية على نمط تفكيرهم وحياتهم. من اللافت للنظر أن بلادنا العربية تستخدم اللغة الإنجليزية في تعليمها الجامعي غالبا مع سعة لغتنا وقدرتها على صياغة العلوم وتقديمها لأبنائنا الطلاب بلغتهم، بينما نجد دول العالم جميعها تجعل لغتها هي لغة العلوم في سائر مراحل تعليمها!! اللغة العربية أقصيت عن ميادين العلوم التطبيقية، مثل الطب والهندسة والصيدلة، كما أن الأخطر من ذلك السماح بتدريس الأطفال باللغة الإنجليزية في بعض المدارس وفي كل المقررات الدراسية مما يجعل هؤلاء الطلاب لا يحسنون الحديث بلغتهم فضلا عن استخدامها في القراءة والكتابة. وفي بلادنا هناك قضايا لا بد من الاهتمام بها لكي نعيد للغتنا قوتها، ونجعل أبناءنا يرتبطون بها ومن ثم ينتمون لبلدهم قولا وعملا وكثير من هذه القضايا تحدث عنها مجموعة من المهتمين في هذا البلد. ومنها: تعريب التعليم الجامعي، وعدم السماح باستخدام غير العربية في الدوائر والشركات والمحلات التجارية والفنادق وسواها، لاسيما أن نظام الدولة يفرض ذلك. كما أن الاهتمام بتأهيل اساتذة اللغة في المدارس أمر يساعد كثيرا في هذا الاتجاه، وكذلك التفكير في إيجاد أساليب جاذبة للطلاب لفهم اللغة واحترامها وجعلها مصدر اعتزاز وفخر.. مؤتمر الجامعة طرح توصيات مهمة، لكن الأهم تنفيذ هذه التوصيات، والتنفيذ يحتاج إلى قرار سياسي ثم تطبيق عملي من الجامعات والمدارس، وإلا قد يأتي وقت نفقد فيه انتماءنا لهذه اللغة فنفقد هويتنا وأمننا وثقافتنا. * أكاديمي وكاتب. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة