استطاع رجال الأمس أن يشيدوا منازلهم ويقيموا بيوتهم بمهارة وإتقان عن طريق من يتسمون (بالحرفية) وهم عمالة وطنية تخصصت بالبناء والإنشاء ويقود هذه المجموعة شخص خبير بالبناء هو من يقوم على التخطيط والمقاول المنفذ للبناء وتتبعه مجموعة من العمال يقال لهم (الحرفية) وهي كلمة أخذت من احتراف العمل وامتهانه والاشتغال به. ويرى إبراهيم الحمدان أحد أشهر ( استادية ) الطين بمحافظة عنيزة بالوقت الحاضر أنه يسعد بالمشاركة والتعريف بالتراث العمراني لمنطقة القصيم خصوصا وأنهم يشاركون في مراكز تجارية تجمع الكثير من الزوار ويكون التعريف بشكل أكبر لشرائح المجتمع عن طريق المهرجانات وزيارة البيوت الطينية مباشرة . يقول الحمدان حظينا بتشجيع من الأمير سلطان بن سلمان أمين عام السياحة على ما نقوم به من تعريف بأهمية التراث العمراني وكذلك مشاركة الجميع معنا بالبناء بالطين رغم ما تتعرض له ملابسهم من اتساخ غير مبالين بما يحدث لهم مع فرادة التجربة وأهميتها مبينا أنه من الأهمية أن تقوم العائلات بتشجيع صغارهم على المشاركة حتى مع تعرضهم للخطر.. وفي عام 2009م وبينما يتطاول الناس في البناء الحديث يظهر العم إبراهيم الحمدان ورفاقه من (الحرفية) ليربط الماضي العريق بحاضر اليوم وقد شيد بيته الطيني بيديه مع مجموعة من رفاقه الذين حرصوا على اكتساب المزيد من المعرفة بالبناء الطيني. يقول الحمدان بأنه هجر الدراسة واتجه في بداية الأمر مع والده (رحمه الله) للعمل في البناء الطيني وقاوم الحمدان زحف العمران الجديد وراح يصقل الموهبة ويعتبر المرجع الوحيد في عنيزة في بناء الطين وعندما شيد الحمدان بيته الطيني أصبح هذا البيت نموذجا يربط تاريخ عنيزة بالحاضر المجيد ومزارا سياحيا. ويروي العم إبراهيم الحمدان قصته قائلا اشتغلت مع عدد من (الستودية) جمع (استاد) وهو المعروف في الحاضر باسم (المعلم) أو قائد العمل وهو الذي يدير دفة العمل وبيده أن يعزل أحد العمال إذا كان غير صالح للعمل ولهذا فإن (الحرفية) لا يمانعون من العمل دون مقابل فقط ليجدوا لقمة العيش لهم في ذلك اليوم ويقول إن (الحرفية) يتوزعون العمل فمنهم من يقوم بتجهيز الطين وتسمى عملية (الخلط) ومنهم من يعمل على تجهيز الأدوات مثل (المساحي) التي يخلط بها الطين وغير ذلك ويستخدم الحرفية مادة أخرى غير الطين هي مادة (الجص) لتزيين المباني بالنقوش وكذا (اللبن) الذي يعد في البناء وهو البديل عن البلك حاليا وينصح الحمدان أن يتم التعريف بسوق الحرفية في المهرجانات حتى نستطيع إيجاد البدائل وتستمر حركة البناء الطيني. ويذكر المهندس المعمارى عبدالعزيز الزنيدي رئيس قسم الدراسات الهندسية في بلدية عنيزة أن صاحب المنزل الذي يريد بناء منزله يقوم باختيار (الستاد) أولا الذي يسمونه الآن المعلم الذي هو قائد الفريق وهو الذي يختار العمال الذين يعرفون باسم ( الحرفية) ومن أشهر «الاستادية» ( المعلمين) بمحافظة عنيزة في ذلك الوقت ما قبل عام 1370ه [ إبراهيم الغشام – وحمد الغشام وأبناؤه سليمان ومحمد وعلي وعبد الله – وعلي السبيل – وإبراهيم العبيسي – وعبد الله العيوني – وحمد السعيد – وإبراهيم الخيفان – محمد الهطلاني وإخوانه إبراهيم وعبدالرحمن – وحمد الدليقان – وعبدالله الدبيان – وصالح الهقاص – حمد الصليع – الغلث – حمد الصويلح – عبدالعزيز البادي (الشاعر) – وسليمان وعبدالله الواصل .. ومن جيل ما بعد 1370ه ( سليمان الجبيلان – وفهد الجبري – حمد الخراز- محمد العبيد – إبراهيم الغشام – عبد الله البكيري .. ويتكون عدد الحرفية من عادة من 6 أشخاص منهم مساعد الستاد والشاغول والمشبع والمجصص والحرفية .. الجصة مستودع التمور تعتبر الجصة خزانة التمر المضمود والذي يعرف محليا باللغة الدارجة (بالكنيز) والجصة بناء من الحجر واقفا بشكل طولي ويحفظ به التمر طوال عام كامل حتى يأتي موسم التمر القادم فيضمد تمرا جديدا وتعبأ منه الجصة وتقع الجصة في ناحية من المنزل ولها فتحة علوية لاستخراج التمر ويروى العم منصور الفالح 72عاما أن أغلب المنازل الطينية القديمة تحتضن الجصة لأهميتها في الكنيز (ضميد التمر) وتغلق الجصة من بابها الصغير بإحكام حتى لاتدخلها الشوائب وقد انقرضت الجصة بعد أن أصبحت البيوت الحديثة وأصبح حفظ التمور بشكل أحدث.. ويشير المهندس عبد العزيز الزنيدي في كتابه ( معمار عنيزة التقليدي) [ تصنع الجصة من شرائح حجرية تربط بالجص على شكل خزانة مستطيلة ارتفاعها متران وعرضها متر وعشرون سنتمترا وعمقها 80سم ويتم عمل فتحه بالجزء العلوي في وجهتها بمقاس 50×50 سم لتعبئة التمور من خلاله مع وجود فتحة قطر بمقاس واحد سم أسفل الجصة لتسريب الدبس في وعاء معدني يوضع تحت الفتحة ويسكب الدبس المتجمع على التمر الموجود بالجصة ليساعد على ليونة التمر يقول الشاعر عبدالله بن عبدالعزيز الضويحي في قصيدة نبطية عن الجصة :- وباب الجصة مجافا عقب ماكان بسكارة عقب وقت مضى ياحول صعيب فتح مسكارة. أمثال شعبية بيض صعو يذكر ولا يشاف من المعروف أن بيض الصعود لا يعرف ولهذا يضرب به المثل في الشيء النادر الحدوث. لاهم إلا هم العرس ولا وجع إلا وجع الضرس يضرب هذا المثل في شدة الهم وأنه لا هم شديدا مثل هم العرس الذي هو الزواج وأنه لا أشد في الأوجاع من ألم الضرس. جاك يا مهنا ما تمنى يضرب في كل شيء يوافق هوى الإنسان فعندما تحدث ترقية موظف يقال جاك يا مهنا ما تمنى. يدخل عصه بشيء ما يخصه يضرب هذا المثل في كل شخص يتدخل فيما لا يعنيه فكة من جحا غنيمة يضرب في الأشخاص غير المرغوب بهم عندما يغادرون المكان. مت يا حمار لين يجيك الربيع يضرب في الأمر الميئوس من تحققه أو طال انتظاره وانقطع الأمل في تحققه.