يتطلع المثقفون إلى نقلة ثقافية تاريخية ستشهدها المملكة خلال السنوات المقبلة، بعد إقرار مجلس الوزراء على توصية إنشاء المجلس الأعلى للثقافة، والذي سيسهم في رسم السياسة الثقافية العامة للمملكة والعمل على تطويرها والارتقاء بها، ووضعها في مكانها الطبيعي بين مصاف الدول التي تعنى بالأدب والثقافة. استبشروا بإنشاء المجلس، مؤكدين أنه انطلاقة وفق رؤية وطنية استراتيجية بعيدة المدى، وأن يكون منبرا للتعبير عن صوت المثقفين بكافة أطيافهم وتوجهاتهم لضمان نقلة نوعية للثقافة والإنتاج الأدبي. واعتبروا أن المجلس خارطة طريق تعيد صياغة العمل الثقافي والأدبي في المملكة، مطالبين أن يضم كافة المثقفين والأدباء والمفكرين والمبدعين والفنانين في المملكة، مع العمل على تنمية المواهب في شتي مجالات الثقافة والفنون الآداب، ونشر الثقافة والمعرفة الإنسانية، وتأكيد قيم المجتمع الدينية والروحية والخلقية. تفاؤل وواقعية اعتبر رئيس النادي الأدبي في مكةالمكرمة الأسبق الدكتور سهيل قاضي، أن خطوة مجلس الشورى ملبية لمطلب وزارة الثقافة والإعلام والمثقفين، موضحا «نحن في انتظار إقراره من قبل مجلس الوزراء، فبكل أمانة أشعر بكثير من التفاؤل، ونتمنى أن نرى المجلس الأعلى للثقافة واقعا يسهم في دعم الحركة الثقافية والأدبية في المملكة، ونتطلع إلى أن تكون الثقافة بمعزل عن الإعلام، لأن الإعلام أستأثر بوزارة الثقافة والإعلام، لذلك نتطلع إلى أن يكون للثقافة نصيب كبير من اهتمام الوزارة في قادم الأيام، وهذا ما نجده في إنشاء هذا المجلس، والذي يعتبر نواة حقيقية لصناعة الثقافة المحلية وإيصالها إلى العالمية والعمل على تذليل كل العقبات التي تواجه المثقفين». تطوير الثقافة أكد مدير جمعية الثقافة والفنون عبد العزيز السماعيل، أن الخطوة تطوير للعمل الثقافي والأدبي في المملكة بشكل مغاير عن السابق، موضحا أن القطاع الثقافي بشكل عام يعاني ضعفا واضحا في الجانب المالي، مما يؤثر بشكل كبير على تنفيذ الكثير من البرامج الثقافية، فهو متخلف عن ركب التطوير والتحديث الموجود في كافة قطاعات الدولة، وهذا الأمر عطل الكثير من المشاريع لنشر الثقافة. وقال معقبا: نأمل أن يسهم هذا القرار في دعمها بالكوادر والإمكانات المادية اللازمة للنهوض بالحركة الثقافية، وتوفير البنى الأساسية لهذا الجانب المهم في حياة الشعوب، خاصة أن المملكة بحاجة إلى مجلس أعلى للثقافة يتولى تسيير أمور الثقافة وتذليل كل العقبات التي تواجه المنتمين لهذا المجال. خطوة جريئة يرى رئيس أدبي المدينة الدكتور عبد الله عسيلان، أن قرارات مجلس الشورى نقلة تاريخية في المجالات الثقافية والأدبية في المملكة، وبالأخص في إنشاء مجلس أعلى يعنى بالدرجة الأولى بالشأن الثقافي وسبل دعمه وتطويره وتوفير الأرض الصلبة التي تنطلق منها المناشط الثقافية والأدبية في المملكة إلى العالم أجمع. وبين أنها خطوة جريئة شجاعة يحذونا الأمل في اعتمادها من قبل مجلس الوزراء في القريب العاجل، حتى تشهد الساحة الثقافية لدينا طفرة كبيرة تشمل جميع النواحي التي تسهم في دعم الجوانب الثقافية والأدبية والفنية، والتي ستحدث النقلة الثقافية التي يتطلع لها جميع المثقفين، في ظل الدعم الكبير التي ستحظى به الثقافة من خلال إنشاء هذا المجلس. تمثيل للمثقفين ويأمل رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات الدكتور حسن السريحي، أن يتم انطلاق المجلس بوضع خطة وطنية استراتيجية بعيدة المدى للثقافة، وفي مقدمتها قطاع المعلومات؛ لضمان تكامل المنظومة الثقافية بكافة عناصرها وأدواتها، حيث لا يمكن أن يتحقق النجاح للمجلس سوى بالرؤية والخطط الاستراتيجية من أجل دفع التنمية الثقافية نحو مزيد من الإنتاجية. ويتطلع الناقد حسين بافقيه إلى استقلال المجلس الأعلى للثقافة عن وزارة الثقافة والإعلام، وأن يمثل المثقفين تمثيلا كاملا بمختلف توجهاتهم، وأن يكون معبرا عن آرائهم، بمعنى أن يكون شأنا خالصا للمثقفين، مؤكدا على أهمية أن يعمل المجلس على وضع الخطط التي من شأنها النهوض بالأدب ومن ضمنها اللوائح المتعلقة بالجوائز التشجيعية والتقديرية. نتائج مثمرة بدورها، تترقب الكاتبة والروائية نبيلة محجوب التطبيق من خلفية إنشاء المجلس وتحويل الفكرة إلى واقع ملموس وعمل جاد يثمر نتائج ينعكس مردودها على المجتمع وليس على عدد من المسؤولين والمتنفذين إداريا وقرابتهم ومن يتصل بهم، أما مسألة تحويل المجلس إلى وزارة أو الفصل بين الثقافة والإعلام تلك مسائل شكلية لا تقدم ولا تؤخر في المردود الثقافي إذا إديرت بنفس العقليات البيروقراطية والتقليدية التي لا تستطيع استيعاب حركة التطور وسرعة التغيير والعوالم المفتوحة التي لم يعد يصلح معها نظام الوصاية على الإنتاج الفكري والأدبي ولا المركزية المثبطة والمحبطة للإبداع والانطلاق. وتؤكد محجوب، على ضرورة أن يكون للمثقف دور رئيس في مثل هذه الكيانات التي تعني بهمه وفلكه الذي يدور فيه. تنظيم الثقافة فيما تود الكاتبة زينب غاصب، أن يصب اهتمام المجلس بالجانب الإنساني للمثقف أولا ففي حال رعايته إنسانيا ومعيشيا ليتمكن من التفرغ والعطاء الأدبي بكافة أشكاله. وتتطلع غاصب، بأن يخصص المجلس المثقفين إعانات مادية تخولهم من طباعة مؤلفاتهم والمساهمة في نشرها عربيا ودوليا. وترى الشاعرة والإعلامية ميسون أبو بكر، أن خطوة إنشاء المجلس الأعلى للثقافة تعد حلم للمثقفين طال انتظاره؛ لأن من شأنه تنظيم الشأن الثقافي للمثقف، إلى جانب كونه منبرا لتحقيق آماله كمظلة لاتحاد المثقفين السعوديين، ومنصة لتقديره وتكريمه، وبذلك يتم التأكيد على هوية المثقف.