اللغة مظهر أنيق للثقافة وشكل جميل (قال أرسطو: هكذا سأدرس هذا البعد اللغوي المكون للإنسان من حيث مدلول اللغة ووظائفها المختلفة، وعلاقتها بالفكر والمجتمع وبالسلطة). إن القدرة على إدراك حضارة اللغة من التقدم الذي يحافظ على هوية الشعوب ومكتسباتها وتاريخها، إذا تقدم المفهوم لدى الإنسان على المتطلبات الأخرى اتضحت أمامه الرؤى وخصائصها، إن الاصطدام بالواقع غير مفاهيم عدة أهمها تهميش اللغة العربية إلى المعربة والمؤدلجة، لم يعد بوسعنا أن نتكلم أو نتخاطب بها إلا وتجدنا نفسر أغلب معانيها بكلمات إنجليزية كنوع من التشبيه وتحقيق التطابق وسد الفجوات التي نجهلها في موسوعة اللغة كما أن بعض المصطلحات تلعب دورا كبيرا في جسر التواصل بيننا وبين الحياة العامة وأيضا الخاصة، وليس بمقدورنا أن نفكر أو نكتشف حضور هذه الكلمات في محادثاتنا أو في معاملاتنا لئلا نجعل من كل شيء أطروحة للمناقشة ونكتفي بالقول إن اللغة العربية لغة ثرية تغدق بلا حدود في القصص والشعر وجمال المفردة وبلاغتها التي تستحوذ على الإدراك بلا حدود، من الدروس التي تحتفظ بها ذاكرتي جيدا أن اللغة خاصية إنسانية صورها «ديكارت» بأنها رسالة معتبرا الإنسان ليس محض آلة، بل هو جوهر مفكر يمتلك منظومة لغوية رمزية، وجعل لكل جزء من الحياة قدرات على سبيل المثال: أن القدرة على إدراك أن اللغة ملكة رمزية خاصة بالإنسان وإنتاج معرفة وتحقيق تواصل وبعد إشكالي لعلاقة اللغة بالفكر وهاهنا القدرة تتجلى على تمثيل سلطة اللغة في قواعدها وفاعليتها، وتحدث روسو عن وظائف اللغة كثيرا وكذلك هنري برجسون وهو فيلسوف فرنسي عرف بنقده للمادة العلمية، مفيدا أن اللغة تحجب حقائق الأشياء وتعجز عن الوصول إلى كنه الفكر وصميمه وتدل على مجموع الرموز والعلامات العامة التي لا تفي بالتعبير عما هو جوهري ذاتي، وأضاف رولان بارت أن اللغة تشريع واللسان سنته، ويبقى مصدر لغتنا أعظم وأقوم وأبلغ من جميع فلاسفة العالم القديم والحديث، ولنتأمل قوله تعالى (حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون). الآية وهذه هي عظمة القرآن والخطاب والبلاغة واللغة.