عقب الدكتور العزيز عبدالعزيز حسنين على مقالي الذي تناولت فيه أزمة نقص أسرة المستشفيات في جدة، وذلك بمقاله المنشور بهذه الجريدة في عددها الصادر يوم الثلاثاء 4 جمادى الأولى، والمعنون: (ساعاتي وظفر والأسرة). وأود ابتداء أن أعبر عن اعتزازي بالدكتور حسنين وبأطروحاته القيمة، ونظرا لأهمية الموضوع ولإيضاح جوانب القضية ومن منطلق أمانة الكلمة ومسؤولية القلم، أركن هنا إلى لغة الحقائق والأرقام التي لا تتجمل، وذلك على النحو التالي: أولا: يقول الدكتور حسنين في مقاله: «فهل قصد الدكتور ظفر بعدد الأسرة وعدد المستشفيات العامة ضمنها مستشفى الأمل ومستشفى الولادة والأطفال ومستشفى العيون كلها تتبع وزارة الصحة وكلمة عامة هي عكس خاصة. فبهذا يكون الدكتور ظفر صحيحا في تصريحه أي ستة مستشفيات تتبع وزارة الصحة». وأقول للدكتور حسنين إن الدكتور ظفر لم يقصد ذلك لأن عدد المستشفيات العامة في جدة بهذا المعيار هي (9) مستشفيات وليست (6). وهي مستشفيات: الملك فهد، الولادة والأطفال، الملك عبدالعزيز، العزيزية للولادة والأطفال، النفسية، الأمل، الثغر، العيون، الملك سعود. وبالتالي، فإن تصريح الدكتور ظفر لم يكن صحيحا. علما بأن وزارة الصحة لا تعتمد هذا التصنيف لمستشفياتها. ثانيا: إن مجموع أسرة مستشفيات جدة هو (2060) سريرا، علما بأن هذه العدد يشمل أسرة الطوارئ، وهي التي لا تحسب في المعايير العالمية، فمنظمة الصحة العالمية تعرف سرير المستشفى على النحو التالي: «هو السريرالموجود في غرف المستشفى الذي يهيأ بانتظام ليشغل من قبل المريض لمدة (24) ساعة متواصلة -على الأقل- لتقديم الرعاية الطبية». وبالتالي فإن العدد الفعلي للأسرة هو أقل من ذلك. ثالثا: إن وزارة الصحة حددت في خطتها هدف تحقيق معدل (2.7) سرير لكل ألف من السكان كمعدل خاص بمستشفيات وزارة الصحة فقط (وليس للمستشفيات العسكرية والتخصصية والجامعية، فهذه لها معدل آخر). وبناء على هذا المعدل الذي حددته الوزارة نفسها، وحيث إن عدد سكان محافظة جدة هو ثلاثة ملايين و438 ألف نسمة، وعدد الأسرة الإجمالي كما أسلفنا هو (2060) سريرا، فإن ذلك يعني أن هناك نقصا في الأسّرة يبلغ (7223) سريرا؛ أي أن مدينة جدة بحاجة إلى (9283) سريرا لتحقيق هدف وزارة الصحة (2.7) سرير لكل 1000 مواطن. حتى إذا حسبناها على عدد السكان السعوديين فقط، فإن عدد سكان جدة السعوديين هو (مليون و721 ألف نسمة)، فإن النقص في عدد الأسرة يبلغ (2587) سريرا لتحقيق هدف وزارة الصحة (2.7) سرير لكل مواطن. رابعا: إن هذا المعدل المتدني للأسرة يجعلنا نقبع ضمن الدول الأقل رعاية صحية وفقا لتصنيفات منظمة الصحة العالمية. وهناك فرق شاسع بين الهدف الذي حددته وزارة الصحة والواقع الحالي للمستشفيات في جدة. (أنظر كتاب: إدارة المستشفيات بين النظرية والتطبيق (تأليف كاتب هذه السطور) وهو مقرر لطلاب جامعتي الملك عبدالعزيز والملك سعود). خامسا: أتمنى أن يحاسب المسؤول الذي صرح بأنه لا يوجد نقص في أعداد أسرة المستشفيات في جدة، لأن هذا التصريح غير صادق ومضلل للمسؤولين وفيه ظلم للمرضى. علما بأن وزير الصحة سبق أن أعلن بأن هناك نقصا في أسرة المستشفيات وأن الوزارة تحتاج إلى 7 سنوات لمعالجة هذا النقص. سادسا: المستغرب هو أن المسؤول الذي يصرح بأنه لا يوجد نقص في أسرة مستشفيات الوزارة بجدة، يعلن بأن الشؤون الصحية تقوم بتحويل المرضى للمستشفيات الخاصة!!. سابعا: المشكلة أنه حتى المستشفيات الخاصة في جدة هي الأخرى تواجه ازدحاما شديدا وأصبح نقص الأسرة واضحا فيها. وأخيرا، ما أود قوله هو ضرورة أن نضع صحة المواطن فوق أي اعتبار، وأن نعترف صراحة بوجود المشكلة، وهي مشكلة تتعلق بحياة بشر وصحتهم، ومن ثم نعمل في شكل طوارئ على اتجاهين؛ الأول الإسراع في إنجاز مشروع مستشفى شمال جدة ومشروع مستشفى شرق جدة.. البدء الفوري بمشروع مستشفى الولادة والأطفال الجديد. والاتجاه الثاني هو إلغاء معوقات الاستثمار في القطاع الصحي الخاص وتشجيع إنشاء المزيد من المستشفيات الخاصة، فالمستثمرون يشكون من بيروقراطية عقيمة.