أكثر ما يتمناه السوريون اليوم تحقيق مقولة «التاريخ يكرر نفسه» بأي شكل من الأشكال، ففي العام 1953 شن الرئيس السوري آنذاك أديب الشيشكلي هجوما عسكريا على مدينة السويداء جنوب البلاد المجاورة لدرعا، وزج الجيش والدبابات والطائرات في معركة مفتوحة انتهت برحيله إلى خارج البلاد، بعد أن عمت الاحتجاجات حلب وبعض المدن السورية. وفضل الرئيس آنذاك مغادرة البلاد، بعد أن أدرك ألا سبيل للحكم بالدم وحقن دماء السوريين، وخرج إلى بيروت ومنها إلى البرازيل العام 1954 ليعتزل السياسة وإلى الأبد. لكن السوريين لم يتركوا رئيسهم الهارب ينفذ بريشه، بعد أن خلف في كل بيت في السويداء ثأرا يأبى الموت إلا بموته، وأقدم شاب اسمه نواف غزالة فقد أهله في السويداء على قتل الرئيس السوري اللاجئ إلى البرازيل بعد 10 سنوات من مغادرة الشيشكلي البلاد.. كان ذلك في العام 1964. وقبيل توجيه الرصاص إلى صدر الشيشكلي دار بينه وبين قاتله نواف الحوار التالي: نواف: إذا صدر عفو رئاسي هل ستعود إلى سوريا، فأجابه الرئيس: طبعا، فقال له نواف: أهلي قتلوا في سوريا ولن تستطيع العودة وأنا حي. ثم أطلق عليه 5 رصاصات من مسدسه، وانتهت حياة الشيشكلي برصاصات الثأر. لكن وللتاريخ يبقى هناك فرق بين حالة الشيشكلي والأسد، فالأول اعتقد أن هناك محاولة حقيقية لعزل السويداء بمساعدة بريطانية أردنية عن سوريا، لذلك انطلق للحفاظ على الوحدة، ولما اتسعت الاحتجاجات بات من الصعب الحكم. أما بشار الأسد فمنذ اليوم الاول لم يتردد في وصف شعبه بأدنى الألفاظ بدءا من مخربين إلى إرهابيين وأخيرا جراثيم. ومع ذلك، يأبى السوريون أن تنتهي ثورتهم، بل إن بشار خلف في كل بيت ثأرا لن يسقط بالتقادم مهما طال الزمن. وإذا كان نواف ثأر بعد 10 سنوات، فما زال الوقت مبكرا للسوريين كي يردوا للأسد جرائمه.