أكد وزير خارجية الدانماركي فيلي سوندال على عمق العلاقات السعودية الدانماركية، موضحا بأن المملكة دولة استراتيجية مهمة في الشرق الأوسط. وأفاد في حوار أجرته «عكاظ» على أن الدانمارك تربطها علاقات وطيدة مع العالم العربي، مشيرا إلى أن أحداث دول الربيع العربي ستبقى ضمن التحديات الأساسية للمشوار الأوروبي. وحول الملف النووي الإيراني، رأى أن طهران تجاهلت بنود معاهدة فيينا للتعامل مع الدبلوماسيين، كما تحدث عن البرنامج النووي الإيراني وحذر من خيار عسكري ضدها. وأيد تشديد وتكثيف العقوبات الأوروبية على النظام السوري.. فإلى نص الحوار: • تتسلمون قيادة الاتحاد الأوروبي قريبا كيف تقيمون العلاقات الأوروبية العربية في المرحلة الراهنة؟ نحن نعتقد أن أمامنا كثيرا من العمل الدؤوب والمتواصل، خاصة حين يكون الحديث عن العالم العربي، فهناك دول الربيع العربي وتطورات ما بعد الانتخابات في كل من مصر وتونس والمغرب.. والصراع العربي الفلسطيني.. والأزمة السورية المستفحلة وحل أزمة اليمن عبر الالتزام بالمبادرة الخليجية التي وقعت في الرياض أخيرا، وأمام الرئاسة الدانمركية مسؤولية كبيرة لكي تتواصل مع الترويكا الأوروبية، والدول العربية لمناقشة تداعيات ما يجري في المنطقة. وسوف تسلم لنا الرئاسة الأوروبية نهاية هذا الشهر وسنبدأ فورا في المشاورات مع الجميع. • إذا بدأنا بالملف السوري، ما التصور الدانماركي للحل؟ بالطبع، الدور العربي لحل الأزمة السورية مهم جدا ونحن نعتقد أن النظام السوري ينبغي أن يتجاوب مع المقترحات العربية ولا يتجاهل الطرح العربي حيال الأزمة، ويبدو لي أن هناك بصيص أمل لتوقيع البروتوكول المقدم من الجانب العربي والسماح للمراقبين العرب بدخول سورية رغم العوائق والعراقيل التي تضعها دمشق.. الاتحاد الأوروبي شدد العقوبات على سورية ونحن نؤيد ملف العقوبات العربية المقترحة على سورية، إذا لم توافق سورية على المراقبين العرب بشكل واضح وصريح وبعيد عن المواربة، ومن جانبنا في الاتحاد الأوروبي فقد شددنا العقوبات على سورية وطالبنا بوقف أعمال العنف والقتل والأعمال التي تهدد ليس فقط أمن سورية، وإنما أمن المنطقة برمتها والسماح بالانتقال إلى أسس يمكن من خلالها إرساء نظام ديمقراطي حديث مع دعمنا الكامل للجهود العربية والتعاون مع الأممالمتحدة لحل الأزمة السورية.. وفي هذا الصدد فقد استضفنا في بروكسل أخيرا أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي ولجنة وزراء الخارجية العرب المعنيين بالملف السوري انطلاقا من أهمية التنسيق بين الأوروبي وجامعة الدول العربية. • توليتم حقيبة الخارجية في أكتوبر الماضي وبادرتم بتعليقات غير مسبوقة تتعلق بموقف بلادكم من التدخل العسكري في الشأن الإيراني؟ - الدانمارك تشارك مجموعة 5+1 وهي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا والتي تدير المفاوضات مع إيران بشأن طبيعة برنامجها النووي وحل أزمة النووي، الآن نستمع إلى تصريحات تدق الطبول واحتمالات خيار عسكري.. ونحن نقول: لا نؤيد أي خيار عسكري فضلا عن أن روسيا والصين لن يؤيدا مثل هذا التحرك الذي سيكون بمثابة طريق مسدود، أما الخيار الدبلوماسي التفاوضي فبرأيي أن أي تدخل عسكري في إيران سيمكن من تفجر قوى خطيرة في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى من العالم، ولكننا نطالب إيران بالتعاون الجدي والمستديم مع المجتمع الدولي وأن تكشف عن حقيقة برنامجها النووي، وما يتردد من أن طهران قد تصنع السلاح النووي في القريب.. هذه الأمور لا يصح حلها بالخيار العسكري.. وما زال الاتحاد الأوروبي يتناول الأمر من منطلق التفاوض وفرض مزيد من العقوبات إلى جانب التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية فضلا عن أهمية دور دول مجلس التعاون الخليجي. كما نرى أن إيران لم تلتزم ببنود معاهدة فيينا التي تنص على احترام حصانة السفارات الأجنبية وحصانة السلك الدبلوماسي، ونأسف لأحداث السفارة البريطانية في طهران. • لن تخلو الرئاسة الدانمركية من ملفات الشرق الأوسط ما تعليقكم في ظل الجهود الفلسطينية لنزع اعتراف بالدولة الفلسطينية؟ من المؤكد أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط سيخدم الأوضاع بشكل إيجابي، غير أن سياسة الاستيطان تشكل عقبة كبيرة في وجه السلام وتعرقل عمل الرباعية الدولية التي تنادي ببدء المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.. نحن نؤيد المبادرة الأوروبية الصريحة التي تؤكد على أن المستوطنات تشكل عقبة حقيقية في وجه السلام، وبرأيي أن الأوضاع الإنسانية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني لا تخدم مشروع السلام ولذلك لا بد من تحرك إيجابي في هذا الشأن. ولقد التقيت أخيرا مع مسؤول فلسطيني كبير وشرحت له موقف الائتلاف الحكومي الحالي في كوبنهاجن، وأننا ندعم الخطوات الفلسطينية سواء في الأممالمتحدة والاعتراف بالدولة الفلسطينية إلى التنسيق لاستئناف المفاوضات وبرأيي أن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقلة هو شرط أساسي لإرساء السلام الدائم ويحقق مصلحة اسرائيل. • هل تدعمون المبادرة الخليجية لحل أزمة اليمن؟ بالطبع نحن مع هذه المبادرة بكل بنودها، هذه مبادرة مهمة جدا ونحن نتطلع لكي تحقق هذه المبادرة جميع بنودها مما يأتي بثمار للشعب اليمني ويحقق الأمن والاستقرار في اليمن، إن الموقع الاستراتيجي لليمن يؤكد لنا أيضا أهمية التوجه قدما في استراتيجية محاربة القرصنة في القرن الأفريقي.. ونحن نرحب بالجهود الخليجية والسعودية الحثيثة التي مكنت من خروج المبادرة الخليجية إلى أرض الواقع.. رغم ما نسمعه من أنباء وأحداث. • التحدث عن اليمن ينقلنا إلى أمن الخليج ودور المملكة هل يمكن معرفة تصوركم للدور السعودي على المسرح السياسي العربي؟ المملكة من أكبر دول الخليج من الناحية الجغرافية والسكانية، وهي دولة استراتيجية مهمة وتربطنا معها علاقات متميزة، وهناك زيارات متبادلة بين البلدين، إذ أجرى في العام الماضي ولي العهد الأمير فريدريك زيارة ناجحة ومثمرة إلى المملكة، ونحن حريصون على اتفاقية تبادل السلع الغذائية التي جرى توقيعها خلال زيارة الأمير فريدريك وهناك مجالات أخرى للتعاون منها التعليم والتبادل الجامعي والحوار بين الحضارات والأديان، والحقيقة أن العلاقات الدانمركية مع العالم العربي تعود إلى 250 عاما، ويسعدني أن الأسبوع المقبل سيكون فرصة للقاء مع سفراء الدول العربية المعتمدين لدى كوبنهاجن للتشاور ومراجعة وجهات النظر. أما عن أمن الخليج فهذا من التحديات التي يوليها الجانب الأوروبي أهمية خاصة ونحن تابعنا باهتمام انعقاد منتدى الخليج والعالم أخيرا في الرياض، وفي هذا المنتدى طرحت ملفات يهمنا التعاون فيها لا سيما حين يتطرق الحديث عن الملف النووي الإيراني. وفي الواقع استقرار منطقة الخليج يشكل عمقا استراتيجيا وأمنيا لنا في أوروبا ولذلك ينبغي التنسيق والتعاون بين الجانبين.