من حقيبة إدارية تحمل خبرات تراكمية لأربعة عقود من الزمن في «الإمارة والإدارة»، يستقي سنويا أمير منطقة مكةالمكرمة أجندة التحضير باكرا لأكبر مؤتمر وتجمع عالمي في تظاهرة الحج الكبرى يتواصل التخطيط طوال شهور العام دون توقف في سلسلة لقاءات ليتوج الموسم في كل عام وعلى مدى الخمس السنوات الماضية بالنجاح، بالرغم من الكثافة البشرية العالية التي سجلت أعلى نسبة لأعداد الحجاج في تاريخ الحج، فالتخطيط للحج لا يرتبط بزمن محدد في فكر أمير مكة، ظل طوال الست السنوات الماضية وهي الحقبة التي تقلد خلالها زمام قيادة مكةالمكرمة كحاكم إداري لها، يخطط، يناقش، ينفذ ثم يشرف ويتابع ميدانيا، متسلحا بفكر التنوير والتوعية برفعه لشعار «الحج عبادة وسلوك حضاري»، وضاربا بيد من حديد لكل من يحاول اختراق الأنظمة في الحج، وهو يطلق «الحج نظام». وفي أغلى وأطهر بقعة على وجه الأرض ترتبط بأفضل المواقيت، الزمانية والمكانية كانت إرادة الأمير توازي حجم المسئولية، ولاسيما في إدارته لحشود بشرية مذهلة ترقبها عدسات العالم أجمع وتنقل نبضها شاشات الفضاء الواسعة. فما اكتنزه خالد الفيصل الأمير والإنسان من خبرة تقترب من 45 عاما، قضاها قائدا وحاكما وإداريا كانت جزءا من الأجندة الخفية التي رسمت ملامح النجاح الكبير في مواسم الحج الماضية، حتى خرج الحجاج في نهاية كل موسم بتلك الدعوات الصادقة لكل هذه التنظيمات الميسرة لهم نسكهم. وأشاع أمير الحج خلال السنوات الخمس الماضية ثقافة صناعة الحج، وأعلن نهجه باكرا بقوله «نحن على بوابة صناعة الحج»، فعندما تستمع لرؤيته عن معالجة واحدة من أعقد قضايا الحج، الافتراش، يرى أن الحل ينبع من المصدر، فالحلول الآنية بمنع الافتراش لا يمكن أن تحقق المأمول، كما أنه يصعب تطبيقها على أرض الواقع لتباين الحجاج واختلاف أجناسهم وألوانهم وبيئاتهم، شفافيته وصراحته في التعامل مع مشكلات الحج قادته إلى تحقيق كل هذا النجاح، فركز أمير الحج على سلاح التوعية، فالحملة التي دوت أصداؤها في أرجاء الوطن الكبير وحشدت لها كل الإمكانيات أراد أمير الحج منها أن تكون بوابة للعالمية، ولهذا انعكست نتائجها الإيجابية على أرض الواقع، فانخفض عدد المتسربين للمشاعر المقدسة عما كان عليه في سنوات خلت، حتى بدت الشوارع الرئيسة في مشعر منى خالية من الافتراش ومعوقات السير وعرقلة حركة المرور، وتمكن الحجاج من رجم الجمرات دون حوادث.