يظل سلاح التوعية أحد أهم مرتكزات النجاح في أي مشروع يمس حياة الناس، وذلك لأن التوعية نافذة تحقيق الأهداف التي من خلالها يمكن الإطلالة على المجتمع بفكر أو سلوك راق، وفي الوقت الذي يغفل فيه بعض صناع القرار هذا السلاح الخفي الذي يوفر جهدا كبيرا ويختزل وقتا طويلا، يبرز صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، متخذا ذلك المنهج في موسم عظيم ومتغير كموسم الحج. والمراقب لمواسم الحج المنصرمة، يجد التنامي في مستوى الخدمات المقدمة، فقبل سنوات قليلة كنا نشهد سلوكيات متكررة كالافتراش والنقل العشوائي والتخلف والتزاحم وكأنما باتت جزءا من ثقافة الحج، لكن المشهد تغير في العامين الماضيين التي سجلت فيه الإحصائيات انخفاض الحجاج غير النظاميين إلى نصف مليون حاج وكذا انخفاض نسبة دخول السيارات التي تقل سعتها عن 25 راكبا إلى قرابة ال57 ألف مركبة فيما تلاشت نسبة افتراش الطرقات في المشاعر المقدسة ونصب الخيام العشوائية نحو النصف عما كانت عليه قبل تطبيق مفهوم التوعية. وتبلور في فكر أمير المنطقة مفهوم تلك الشعيرة العظيمة، فأطلق «الحج عبادة وسلوك حضاري» لتكون حملة توعوية تنويرية تبث في سماء هذه الشعيرة النبيلة مدى الترابط بين قطبي المعادلة ليخرج موسم الحج في كل عام بحلة بهية فريدة ذات نتائج إيجابية مؤثرة. هذه الحملة تحمل في طياتها مفهوما سلوكيا مهما هو (قداسة العمل وقدسية المكان) وتعمق في نفوس العاملين في خدمة ضيوف الرحمن عظم المسؤولية كما تشيع في سماء القادمين إلى هذه البقعة المقدسة نبل الشعيرة وقداسة النسك. ومن هنا أطلق أمير مكة شعار «الحج عبادة .. وسلوك حضاري»، فالشعار من جزءين أولهما الحج عبادة، وهنا يتضح أن الحج له مناسك ومتطلبات، وفي جزء الشعار الثاني المتعلق بالسلوك الحضاري فإن التركيز كان يتعلق باحترام النظام والمسؤولية، ومن الشعار انبعثت الرسالة، التي كانت تأكيداتها تتمحور في أن إمكانية تحقيق السلوك الحضاري في الحج لن يكون إلا بعد القضاء على الظواهر السلبية.