(سأخون وطني): عنوان كتاب للشاعر والكاتب السوري الكبير محمد الماغوط، أحد أهم رواد قصيدة النثر العربية والكتابة الإبداعية السياسية والساخرة. الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات، مكتوبة بلغة شعرية متفجرة. طبع عام 1987م، ثم أعادت طباعته دار المدى عام 2001م.. تذكرت الشاعر المرحوم وعنوان كتابه اللافت، وأنا أرى تداعيات الأزمة السورية الراهنة، التي بدأت بمطالب إصلاحية مشروعة صغيرة ثم كبرت ككورة الثلج. ربما يتساءل البعض كيف لكاتب وطني كبير بحجم قامة محمد الماغوط الإبداعية والإنسانية والنضالية، أن يخون وطنه وقضيته ؟!.. عنوان الكتاب فيه من المجاز والسخرية والواقعية الشيء العظيم. فالكاتب يتحدث عن هموم فترة صاخبة عربيا ودوليا في الثمانينات الميلادية، قبل سقوط الاتحاد السوفيتي، وهزيمة اليسار العالمي. والكتاب صودر مني ذات يوم في نقطة حدودية شمالية قبل الانفتاح الإعلامي!، ربما ظن ذلك الرقيب أن الكتاب يدعو إلى خيانة الأوطان بالمجمل، ولو كلف نفسه قراءة بعض السطور القليلة لاكتشف لوعة الكاتب، من تلك الأوطان المصنوعة من قش وأورام وقمع وأصنام. فالسجناء وأبناء الوطن الذين يعيشون في خوف ومدن بائسة لن يحرروا شبرا واحدا من أراضيهم المغتصبة، وربما اكتشف ذلك الرقيب أيضا زيف شعار (لا صوت يعلو على صوت المعركة)، الذي هو مجرد أفيون رخيص لتك الأنظمة القمعية تبيعه لشعوبها بسعر فاحش، لتواصل تلك الأنظمة التي كانت (تقدمية) العبث والفساد والإفساد والاستبداد والتصنيم والتوريث. في تلك الصفحات كان الماغوط، يدعو إلى العض بالنواجذ على حب وحدود الأوطان العربية.. صفحات، كتبت قبل أن تتحول سوريا إلى جمهورية ملكية معجونة بالخوف والصمت، وهم الذين كانوا يرون بأن النظم الملكية رجعية أو تنتمي إلى العصور الحجرية. إن الساخر العظيم الماغوط، كان يدعو إلى خيانة تلك النظم بشكل مضمر، تلك التي لا ترى إلا ذواتها الخربة، وبأن أفراد الشعب مجرد رعية / عبيد يجب أن يهللوا ويسبحوا باسم السيد الرئيس!.. الشاهد: أن دعوة الماغوط للخيانة، لم تمت رغم مرور أكثر من عقدين من الزمان، ونحن نرى فصولها منذ عدة أشهر، لا تدعو إلى خيانة الأم / الوطن، بل أراها دعوة إلى خيانة زوج الأم الفض الغليظ القلب، الذي جاء على ظهر دبابة ذات ليل، والذي تزوج الأم الحنونة بالإكراه وبدون موافقة الأبناء القصر وبلا عقد زواج!!. [email protected]