ينبع النخل هي الحضن الدافئ وملتقى الأحبة وهي ملاذ المصطافين عندما كانت عامرة بعيونها ونخيلها، رسمها ما زال راسخا في القلوب، وعشقها لا يمكن أن ينحسر أو يذوب، والحنين إلى مرابعها يسري في النفوس سريان مياهها، وصفاء أجوائها، كم تجولنا بين نخيلها وبساتينها، وكم رشفنا من عيونها، تهفو إليها نفوس المحبين، ويسعد في رباها القريب والبعيد والزائر والعابر.. تأسرنا أصوات قماريها المغردة وكأنها تنبئ عن بشارة خير ترسلها من فوق عذوق النخيل إلى من يستمتع بهذا التغريد الجميل.. ما أجملك وأكملك يا ديرة العز، عندما كنت مصدرا للرزق والغذاء، ومعقلا للرديح والصفاء، فلك من اسمك نصيب حيث النخلة هي ملهمة الشاعر ومحركة الإبداع والمشاعر، وإحياء الموروث، وبذكراك تتواصل مسيرة الآباء والأجداد، فكيف ننسى تلك الأيام التي كانت تصطف فيها صناديق الرطب تحملها الجمال من ينبع النخل إلى ينبع البحر ثم تعود محملة بما يحتاجه الأهل هناك؛ إنهم يقتسمون فرحة اللقاء، ويسعدون بتبادل الهدايا صباح مساء؛ فذلك هو التواصل الاجتماعي بين الينبعين (بحرها ونخلها). فأتذكر هنا من قصيدة الشاعر حسن القفطي قبل 150 سنة يرحمه الله: أمن تذكر أكل الحوت بالرطب أعرضت عن لذة العناب والعنب يا سعد من كان موجودا هناك إذا قام الحراج وصار البيع في الرطب * رئيس لجنة أصدقاء التراث في محافظة ينبع