هناك من يطالب بمقاطعة المنتجات الصينية، بعد موقف الصين الأخير تجاه الأزمة السورية، واستخدامها لحق النقض في مجلس الأمن، لصالح النظام السوري الدموي. لاشك في أن التنين الصيني صار من الضخامة والقوة بحيث صارت منتجاته في كل بيت عربي، وبالتالي صار من الصعوبة بمكان التوقف عن إغراءات استيراد تلك السلع بسبب جودتها واقتصادية أسعارها. نحن الآن نستورد كل شيء من الصين، نستورد الأدوات الكهربائية والحاسب والسيارة وعلبة الكبريت والمفرقعات والصواريخ والأقمار الاصطناعية والملابس بما في ذلك الشماغ والعقال وحتى الملابس الداخلية! إلى حد أن الدول الغربية المتقدمة التي تنتج كل شيء لا يمكن أن تستغني عن المنتج الصيني لأسباب عديدة! وأعتقد جازما أن الصين اتخذت قرارها وهي تفكر باحتمالات رد فعل تلك الدول التي تقف بجوار ثورة الشعب السوري، سواء كان ذلك الرد سياسيا أو اقتصاديا. في ظل عدم التعافي الاقتصادي العالمي الكامل، لا أحد يقدر يستغني عن ذلك السوق العظيم كمستهلك أو منتج. فالمراقب يلحظ تهافت كثير من الشركات المتعددة الجنسية ومنها بعض الشركات العربية العملاقة في الاستثمار هناك، وتكوين شراكات إستراتيجية مع بعض المؤسسات الصينية الكبيرة، خاصة في قطاع البتروكيماويات. ستنجح أي دعوة للمقاطعة ربما بعد عقود عندما يقترن الشعار بالفعل بالمقدرة الاقتصادية والسياسية على حد سواء: (لا يفلح قوم يأكلون مما لا يزرعون ويلبسون ما لا ينسجون). سيكتب لتلك الدعوات العربية النجاح، بعدما تجد المناخ المثالي، كالعيش في أوطان مدنية تخلو من الفساد المالي والإداري، وتحترم الإنتاج والحريات والإبداع والشفافية، وتتكامل فيما بينها اقتصاديا وتراعي الميز النسبية لكل بلد، في ظل وجود سوق عربية مشتركة، يكون المحرك لذلك العامل الاقتصادي أولا وأخيرا. وهذه الدعوات الحماسية، تذكرني بدعوات المقاطعة للمنتج الأمريكي فيما مضى وعدم النجاح.. الشاهد: أن الواقعية السياسية وأقصد فن الممكن، مطلوبة أكثر في ظل رياح الربيع العربي غير المستقرة التي يتوقع لها أن تأخذ وقتا طويلا قد يدوم لعقد من الزمان أو أكثر.. [email protected]