لا أدري كيف تغيرت طباعه، وهي التي لم تكن يوما من سماته، فكلما أقابله ينظر إلي، كما لو كنت غريبا عنه، يتأمل في كلماتي وفي ذهنه تساؤلات كثيرة تشي بها نظراته التي أتحاشاها، وينالني منه كلمات صادمة أحيانا، ولكن حفاظا على صداقة عمر، أتجاهلها بابتسام مجامل، لا أود أن افتقده، فقلبه طيب، وإن كانت أخلاقه نزقة معي، ومع الغير كالشهد. فكنت آخذ الأمور معه ببساطة حتى لا أخسره، رغم اندفاعه في أمور كثيرة تستلزم الهدوء وطول بال.. ذات يوم، رأيت أنه يمر بضيق وكدر، سألته عما به قال، أنتم يا طبقة المترفين، قلت في نفسي أكيد يعنيني بالذات، ولكنه استخدم صفة الجمع ولست بمترف. لا تشعرون بما يشعر به المواطن الضعيف، فعندما تشعرون بالطفش تسافرون وتجوبون الدنيا، وتعودون وقد أفرغتم الطفش عن صدوركم أنتم وأبناؤكم، أما نحن الغلابى فأين نذهب!؟ خذ عندك، إذا ذهب أولادي من الشباب لم يجدوا الأماكن الترفيهية التي يتسلون بها، وإذا ذهبوا للأسواق والمولات فإنهم ممنوع دخولهم، وإن ذهبت إحدى البنات، مع أحد إخوانها استوقفوا في طلب إثبات القرابة والدخول في سين وجيم، ولكن، نتوقع خيرا من تطبيق تعليمات الرئيس الجديد (لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وإن حمل أحد الأبناء ملفه يبحث عن وظيفة وهو العاطل، سدت بوجهه الطرق وعانى من ضيق اليد والحيلة.. وأنا، أنا الطاعن بالسن أين تريدني أن أذهب بعد تقاعدي من العمل، فلا هناك رعاية للمتقاعدين في استغلال خبراتهم والانتفاع ببعض التخصصات النادرة التي تفيد الوطن حينما تكون الخبرات لا يستهان بها في الدول المتقدمة التي تتعاقد مع المتقاعدين وتحرص على الاستفادة منهم وتهيئ لهم أماكن الترفيه، وإن شئت فقل توفر الرعاية الصحية لهم..قلت ولكن وزارة الصحة قالت إن مشروع (التأمين الطبي) لكل مواطن سيكون قريبا العمل به. قال «بالمشمش» قلت لا بد أن صديقي يمر بكآبة تشاؤمية، والصديق وقت الضيق، سأقترح عليه أن آخذه في رحلة سياحية برية لكي يروح عن نفسه ويرى معالم مدننا وقرانا. قبِل الاقتراح ووافق بشرط أن تكون بسيارتي، وقبلت، وتمادى بشرط آخر، وهو أن أتكفل بكامل مصاريف الرحلة، قلت تم. انطلقنا في رحلتنا السياحية البرية، صديقي كان في حالة من الذهول والارتياح النفسي، فطول الطريق صديقي يلتفت يمنة ويسرة مذهولا بهذا الاستراحات الجميلة ذات المطاعم الراقية ومحطات الوقود المدهشة غير الصدئة وبدورات المياه النظيفة التي تذكرك بالحمامات الشامية ذات المياه الساخنة الأشبه وبالحمامات الساونا، وهذه القرى الأشبه بالريف الأوروبي، وفجأة مررنا بصنادق وعشش، وأشار بيده يسألني ما هذا؟ للحديث بقية.. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 263 مسافة ثم الرسالة