بعد عمر طويل من الوهج، انطفأ القنديل الذي كان يضيء دروب البهجة.. بعد عمر امتد أكثر من تسعة عقود، انثنى الغصن الذي حمل على هامته أزهار الفرح، ومال لكي يعود إلى الأرض.. بعد رحلة طويلة من العطاء المتدفق، والتعب المتراكم، توقف قلب الفنان الكبير والإنسان الاستثنائي «طارق عبد الحكيم»، ورفع شارة الوداع بعيدا عن الوطن الذي أفنى عمره من أجله.. كم هي الأجيال التي تعاقبت على حضور طارق عبد الحكيم كرمز؟ كم هي الذكريات التي تختزنها ذاكرة الفن عن طارق عبدالحكيم؟ وكم هي البصمات الخاصة التي وضعها في تأريخ الفن؟ وكم هي النجوم التي أطلقها في السماء، والعصافير الجميلة التي نشر أجنحتها في الفضاء؟. رحلة مليئة بكل ما في الحياة من فرح وترح، لكنه كان قادرا إلى آخر لحظاته على الاحتفاظ بروح الفرح والمرح رغم رائحة الحزن التي تفوح أحيانا في آهاته الشاردة بين ثنايا كلماته.. وهو في عمق شيخوخته، كان قادرا على الاحتفاظ بروح الشباب، ورشف رحيقه كلما داهمه الظمأ.. كان قادرا على طي السنين ليكون جليسا محبوبا ومتحدثا مرغوبا للكبير والصغير.. رحلته لم تكن سهلة ولا هينة لأنها رحلة طويلة من الإصرار على أن يكون صاحب عطاء متميز، .. قرر ألا يحول تقدم العمر والمرض والتجاهل بينه وبين حضوره في المشهد الفني والاجتماعي. أراد أن يحتفي بتأريخ الفن في وطنه فلم يلتفت أحد إلى جهده العظيم بإمكاناته الخاصة، بل لم يسلم متحفه الذي أسسه بقطرات عمره من الإغلاق ذات مرة وكأنه بقالة خالفت شروط الترخيص. انزوى بعد أن بلغ به الحزن والألم حدا لا يطاق، فلم تتذكره إلا القلة القليلة. وفي لحظة قاسية قرر أن ييسافر لعل ذلك يخفف عنه الشعور الجارح بالوحدة في مجتمع قدم له كل عمره.. طارق عبد الحكيم ليس عاديا حتى تمر وفاته بشكل عادي ثم يطويه النسيان. والمجتمعات الإنسانية الحقة صفتها الوفاء لرموزها، تخلد عطاءها وتقدر تميزها، وتجعلها حاضرة في ذاكرة الأجيال القادمة، فهل نفعل ذلك مع رمز كطارق عبد الحكيم؟؟. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة [email protected]