إحباط، ملل، طفش، بهذه الكلمات يرد عليك أغلب الموظفين أو الطلبة من الجنسين عند مبادرتك للسؤال عن أحوالهم، وكيف هي أجواء أعمالهم أو مدارسهم، بل إنهم قد يقاطعونك في رجاء بعدم الاسترسال حتى لا تذكرهم بما يسعون إلى نسيانه، يخيل إليك وأنت ترى ذلك النفور وعدم الرغبة في الخوض في ظروف وأجواء بيئات العمل والمدارس، أن ثمة حلقة متسعة تدور في محيطها تلك المجموعات في توهان وفقدان تام للأمان الوظيفي أو العلاقات الإنسانية، التي نستطيع من خلالها بث روح الألفة والتعاون في ما بيننا مع تفهم كل طرف ما يعنيه الآخر من ضغوط. وما يصور لك تلك الكراهية بجلاء مشاعر الفرح والاستبشار التي تغمر الجميع في حال أن أعلن عن منح إجازة لمناسبة وطنية أو لظروف مناخية، وكيف هي طرق التعبير عن الغبطة بالخبر حتى أن البعض يتجاوز في فرحه حد المعقول إلى الفوضى والصراخ، وكأن فرجا وقع ليحل معضلة كبيرة كان يرزح تحت وطأتها، البعض جعل من تلك المشاعر مجالا للتندر وإطلاق النكات، غافلا عن أن في ذلك مؤشرا خطيرا يجدر بنا البحث في حيثياته وعن سبب تلك الكراهية المتضخمة التي تجعل من الطالب يتمنى أن تحل بالمدرسة كارثة أو بالأجواء عامة، حتى لا يذهب إلى مدرسته، وقد تجد نفس الشعور والأمنية عند المعلم والمعلمة وربما المدير والمديرة إن كانت هناك سلطة أعلى تمارس عليهم ما يمارسانه على من تحت إمرتهما. الحقيقة أنه لم يعد سرا، أن تلك البيئات باتت طاردة لفقدانها أبسط عوامل الجذب، فإذا كان المسؤول فيها هو العامل الأقوى في ترسيخ تلك المشاعر لدى موظفيه وطلابه بتعامله الجاف وأساليبه الضاغطة المبنية على إصدار الأوامر والتفرد بالرأي صائبا كان أم خاطئا وغيرها من الممارسات التي ينتهجها كتقريب البعض وإقصاء آخرين مع تضييق الخناق بأعمال المراقبة والتجسس أو بمبدأ فرق تسد، فماذا ننتظر أن تكون عليه؟ إن مشكلتنا هي تجاهل أهمية الاستقرار النفسي والارتياح داخل بيئات العمل في زيادة إنتاجية الموظفين وإتقانهم للعمل، بل يدفع بالبعض للعمل ساعات إضافية دون الشعور بالضيق أو انتظار انتهاء الوقت المحدد بتوتر شديد. قد يقال إن بعضنا اتكالي ولم يتعود على العمل، لكن في المقابل نقول إن مؤسسات العمل لدينا هي الأخرى تنظر للموظف على أنه يتلقى الأوامر وإن لم يستجب يوما فحسابه سيكون عسيرا. إن كرامة الإنسان وتقديره وتحفيزه وإشعاره بأهميته وحقوقه الوظيفية هي أكبر عامل في تحسين العلاقة بين الأطراف المتنافرة وبيئة العمل، كذلك تنوع أساليب التعليم وإطلاق الأفكار دون كبتها ورعاية المواهب أيا كان نوعها من العوامل الجاذبة للطالب في بيئته المدرسية.