مجموعة إنسان !! من كل ضد وضد .. عندما غرد بها فنان العرب وسطرها دايم السيف كانت في حدود الغزل العفيف والشعر والفن ولكنني هنا اقتبست كلماتها لأنها كانت ملهمتي في حال الموظف ذو الدخل المحدود. دعني اسميه "طفشان تعبان الحزين" وذكرته ثلاثيا حتى يسهل التعرف عليه. كل يوم يستيقظ الساعة السادسة صباحا طبعا لم يصلى في المسجد وبدأ الصراخ في استعجال أبنائه ليذهب بهم إلى "المدارس"مصطلح يعرفه كل من يتبع لديوان الخدمة المدنية.أثناء خروجه من المنزل صبحه حارس العمارة ليذكره بالإيجار المتأخر والذي قد تضاعف عليه منذ بداية رحلته مع الإيجار قبل عشرة أعوام. ولم يغب تفكير طفشان الحزين عن رضيعته التي تركها في المنزل مع الخادمة الأندنوسية المخالفة لقوانين الإقامة لأن الخادمة أم فيزه خرجت ولم تعد ومافي أحد يجيبها ! ولا يوجد حضانة في مقر عمل زوجته!فما كان الحل إلا تركها في بيته ذو الثلاث غرف و24 ألف إيجار سنوي. طبعا طفشان كان سرحان وما فاق إلا عندما"طاح"في "الحفرة" نعم انه سقط في حفرة في الشارع لا تنتمي لما يسمى مطبات بأي صلة ولم يكن السبب وجود الحفرة في وسط الشارع بل كان بسببه كان يقود سيارته وعينه في الأرض لأنه لو رفعها ووقعت عينه بعين أي طفشان في الشارع المزدحم بالطفشانين والحفر والمطبات ومستعمرات الضنك لوقعت الشتائم وما بعد الشتائم . المهم أن الأخ الموظف وصل العمل طبعا متأخر وطفشان ولم يجد موقف لسيارته بسهولة كالعادة. في مقر عمله وجدهم يتحدثون عن العلاوة السنوية فتذكر خسارته 75%من رأس ماله في سوق الأسهم وان ثلث راتبه يستقطع من احد البنوك و انه يستوجب عليه توفير راتبه كامل عشرة أعوام ليمتلك منزل أحلامه الذي أصبح غايته في الحياة ! سأتوقف عن سرد القصة ليس لكي لا أطيل عليكم ..ولكن لأن طفشان في نفس اليوم أصيب بأزمة قلبية و انتقل إلى المستشفى الحكومي الذي طلب ورقة تحويل من المركز الصحي لكي يبحث له عن سرير إن وجد !! "تنشد عن الحال هذا هو الحال" سيدي المسؤول وكلنا مسؤول عن هذا الحال لا أبرر الإهمال والتكاسل في العمل والواجب كما سيظن البعض ولكن ..إن إنتاجية الموظف ترتبط مباشرة بدقة و إتقان عمله الشئ الذي يستوجب صفاء ذهنه وتفرغه لعمله أثناء ساعات العمل ووجود بيئة مناسبة ومحفزة للإنتاج بالتالي تحقيق الذات الذي هو مطلب إنساني فطري يحقق الاستقرار. إن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للفرد يعكس على استقراره النفسي وبدوره على جميع جوانبه كفرد الذي يعتبر العنصر الأول في تركيب المجتمع. إن التخطيط لمستقبل مشرق يتطلب التخطيط لبناء الفرد الذي يتطلب جهود الجميع.إن الفرد يجب التعامل معه ككتلة واحده من جميع أبعادها وجوانبها المعنوية والمادية في المنزل والعمل والحياة العامة.فلا يمكن للفرد أن يكون مجموعة إنسان. ولو سألنا "طفشان الحزين " من أنت؟ سيقول "حتى أنا تراني احترت فيني" *طبيب - الرعاية الصحية الأولية