إذا ما آمنا أن الغناء ألوان، فأول هذه الألوان هو الغناء للوطن لأن الوطن دوما هو الأغلى ولأن الغناء للوطن يحمل الصدق الأكبر ويحمل كل صفات الغناء منذ كتابة النص، ففي السياق عاطفة كما لو أن الشاعر يكتب عن الحبيبة، فالوطن هنا أغلى بلا شك منها وفي النص الوطني أيضا القوة والتسامق في وصفه بين أوطان الدنيا، تجيء هذه الفكرة في خاطري وأنا أعيش تلقي نجاحات أغنية «أبشرك» التي أطلقتها بمناسبة قدوم خادم الحرمين الشريفين من رحلته العلاجية في الخارج. وشعرت بكثير من الفخر والناس ترددها بهجة بنص يحادث خادم الحرمين الشريفين المتسائل عن حال شعبه وأمته؟ كيف هم وما هو حالهم في الوقت الذي يواصل فيه تلقي العلاج. في هذا العمل الوطني أشعر بأن تأكيد ما أصبح مطروحا في العقود الأخيرة من أغنيات وطنية ناعمة ومن مقامات موسيقية تناغم الوجدان هو الدلالة الأنجح والأقرب إلى النفس مما تعودنا عليه من كثير ممن سبقونا من فناني الخمسينيات مثلا في العالم العربي الذين اعتمدوا موسيقى «المارش» وتنفيذ مثل هكذا أعمال بآلات موسيقية نحاسية قد تؤدي بعض الغرض في تأجيج المشاعر الفياضة تجاه الوطن ولكن هذا أعتبره كفنان أحد جوانب العمل الغنائي الوطني وليس كل شيء، فأستاذنا طلال مداح قدم الكثير من الأعمال الوطنية منذ الستينيات بنعومة بالغة وكانت هي الأطول عمرا مثل «وطني الحبيب» التي اعتمد طلال مداح فيها مقام البيات، وأغنية وردة الجزائرية الوطنية «وانا على الربابة بغني تعيشي يا مصر» من مقام البيات الذي تسيد الكثير من الأغنيات الوطنية الجميلة والعذبة لدى جيل أساتذتنا المصريين فلدينا مثلا من البيات أغنية المطربة المصرية الراحلة أحلام من ألحان محمود الشريف وكلمات صلاح جاهين «يا حمام البر طير وهفهف.. على كتف الحر وقف والقط الغلة»، كذلك من نفس مقام البيات أغنية محمد عبدالمطلب الوطنية من كلمات جاهين وألحان الشريف أيضا «ياسايق الغليون .. عدي القنال عدي، وقبل ما تعدي خذ للمينا وادي . . دا اللي فحت القناة جدي» وكثيرة هي الأمثلة على أغنيات وطنية لامست شغاف قلوبنا.. عموما الغناء للوطن دوما بشارة خير.