الزمان.. الاثنين 22/1/1403 ه الموافق 8 نوفمبر 1982م.. المكان مدينة الوسط الثقافي (جدة) المحتفى به.. عبد القدوس الأنصاري.. المناسبة أول اثنينية التي هي عبارة عن منتدى أدبي خاص يهدف إلى تكريم المبدعين في معظم مجالات العطاء الإنساني ويمثلون ألوان الطيف الثقافي والأدبي والفكري في هذا الوطن.. راعي الاثنينية الوجيه عبد المقصود خوجة، الذي ينام على سرير العافية في أحد المستشفيات الخاصة إثر وعكة صحية ألمت به أخيرا فتوقفت الاثنينية عن الدوران على غير عادتها في هذا الوقت من كل عام. وافتقد روادها الزخم الثقافي والأدبي الذي كان يزيل عن القلوب ما ران عليها من ثقل الأيام وروتين الساعات فكانت ملتقى أسبوعيا يشاهد الحاضر عن قرب تلك الشخصيات السامقة في دنيا الشعر والأدب والثقافة والعلوم وشتى الفنون والمعرفة من وطننا العربي الإسلامي الكبير. يلتقي الجميع وجها لوجه مع الشخصية المكرمة يمطرونه بالأسئلة ويقحمونه بالمناقشات ليستخلصوا رحيق علمه وخبئة نفسه وعظيم فنه، ليشفي الجمع نهم اكتشاف العلم، الطبيعة المغروسة فينا وجين المعرفة المتحفز في نفوسنا وإشباع فضولنا البشري المتزايد، فالإنسان بطبيعته دائم التفكير والبحث يريد أن يكتشف وأن يحقق ذاته من خلال ما يبني من أهداف. ثلاثون عاما مضت من العمل الجاد الدؤوب المخلص استطاع فيه صاحب الاثنينية شفاه الله أن يجمع فيه كما هائلا من الأفكار والكلمات والتجارب الأدبية والإنسانية المميزة تكون في محتواها مجلدات في التاريخ والأدب والشعر والتجربة وإحباطات الفشل وإغراءات النجاح لتشكل في مجموعها النشأة والتكوين لأدب هذا الوطن الكريم وتبني جسرا يصل ماضي الأمة بحاضرها ممتدا لمستقبل عظيم بإذن الله .استطاع هذا المنتدى الأدبي الشامخ أن يدون الكثير من الأحداث ويسجل الكثير من الوقائع بلسان أصحابها حفظا للآثار الأدبية الخالدة للاستفادة منها في البحث والدراسة والتعرف على شخصيات أدبية وعلمية رفيعة المستوى. أسهمت في نهضة الأمة وبنائها شكلا ومضمونا حتى حققت على مدى هذه السنوات الطوال اكتمالا في الشكل وثراء في المحتوى مستوعبة معظم أمور الحياة الفكرية في عصرنا الحاضر كاشفة عن رجال العصر من أدباء وشعراء ووزراء وسياسيين موضحة جوانب مهمة من شخصياتهم. لم يبخل (الوجيه) بماله وجاهه ومكانته الاجتماعية وحضوره الدائم وشخصيته الفذة وما منحه الله من بسطة في الجسم والخلق والمال في تسخير كل هذا وأكثر لإنجاح اثنينيته وإكرام ضيفه وإنزاله المنزلة اللائقة بمكانته. ثلاثون عاما أو تزيد وصاحب الاثنينية لا يألو جهدا في دعوة هذه الشخصية أو تلك في كل مجالات الحياة وشعبها العلمية والعملية متعديا فواصل الجغرافيا وحدود التاريخ، وكان للمرأة حضور وتكريم فاعتلت منصة الاثنينية معلنة عن قدومها وبقوة لتأخذ نصيبها في كعكة التاريخ وحلوى النجاحات ولتثبت أنها جزء مهم من تاريخ الوطن وأدبه وفكره وشعره ونثره وعلمه وعمله. زرت الشيخ عبد المقصود خوجة وهو على سرير المرض فوجدته كما عهدته صامدا معاندا لا يفتر لسانه عن الحمد. وهذا دأبه مع كل منغصات الحياة وفواجع الدهر، راسما على شفتيه بسمة الرضى بما قدر وقسم وكأني به في داره مرحبا وحاضنا ضيوفه بعينه وقلبه وحلو حديثه وعذب كلماته. سرحت قليلا وأنا أرجع بذاكرتي إلى الوراء عندما قام بأريحيته المعهودة بطباعة مئات كتب التراث والأعمال المنسية التي لم تطبع بعد لأدباء مكة ومثقفيها بمناسبة اختيار مكةالمكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية وفاء لعهد أبيه المكي. وتداركت أن هذا العمل لا يضاهي ما يقوم به من جهد خارق وجبار في طباعته كتب المثقفين في المملكة والعالم العربي طباعة فاخرة أنيقة يتم توزيعها مجانا على محبي الكلمة ومحترمي الثقافة على اعتبار أن الفكر عامة هو ملك للإنسانية جمعاء وذلك حفاظا على مجهود هؤلاء الكبار من الضياع وحفظ أعمالهم وتدوين إبداعاتهم ونشر علومهم، ومازلت احتفظ في مكتبي بالأعمال الكاملة للسيد المبدع صديقي عبد الله الجفري رحمه الله أرجع إليه كلما احتاج إلى تغريدات أبو وجدي واستخلاص مكامن الرومانسية في حياة البشر. فلا غرو أن تكون هذه الاثنينية بمثابة الأندية الأدبية في العصر العباسي كما وصفها علي هاشم في كتابه، وما تركته من أثر وحراك على المجتمع آنذاك.. فاكس: 6975040 E. Mail: [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 148 مسافة ثم الرسالة