يأتي الاحتفال بالذكرى المئوية للأديب الراحل حمزة شحاتة شاعر الحجاز وأديب مكة وفيلسوف الحرية لتؤكد من جديد عمق حضوره في حياتنا الأدبية وفي وعينا الثقافي واستحضار منجزه الأدبي وعطاءه الثقافي وليؤكد أيضاً أن أصحاب الفكر الأصيل والأدب الرصين لن يموتوا ويمحى منجزهم من ذاكرة التاريخ . ويحسب للاثنينية ولصاحبها الشيخ عبدا لمقصود خوجة احتفاؤه من خلال اثنينيته ليوم غد بأحد العمالقة والرواد الأوائل وكأنما يريد صاحبها أن يخطو خطوة جريئة على مسار جديد للاثنينية طالما نادى به البعض من روادها في استحضار رموز الفكر والأدب واستلهام عطائهم والتذكير بهم للأجيال إلى جانب ما تقوم به الاثنينية من جهد مبارك في جمع ما تناثر من أعمال الرواد ونتاجهم وإعادة طباعته بالكامل وعرضه للمفكرين والمهتمين وإهدائه للمكتبات العامة والجامعات ومراكز البحث العلمي في الداخل والخارج وهو جهد كبير ومبادرة قل نظيرها . وطالما الاحتفاء بهذه القامة الكبيرة حمزة شحاتة كرائد من رواد الشعر الحديث في الحجاز أو في مجال الخطابة والأدب والفن والفلسفة فإني أشير هنا إلى جانب مهم من مسيرة الراحل في اهتمامه وتجليه أيضاً فيما يعرف بالأدب الساخر هذا النوع من الأدب الذي لا يتقن فنونه وأساليبه إلا القلة القليلة لذلك دائماً نجد هذا الأدب أكثر قبولاً وتلقياً عند القراء لما يمتاز به من ظرف وخفة وبساطة ووضوح ورمزية مبطنة , وقد مارس أديبنا الراحل هذا الأدب من خلال كتابه الشهير (حمار حمزة شحاتة) أو من خلال المقالة الأدبية تحت الأسماء المستعارة التي كان يكتب بها تحت مسمى (هول الليل ) و(حنفشعي) و(أبو عرب ) في الصحافة السعودية في بداياتها الأولى كجريدة صوت الحجاز وفي تعريفه ونظرته الفلسفية لاختيار مسمى (هول الليل) يقول شحاتة وهول الليل الذي يدور عليه حديثنا اليوم من جملة الأحياء يمشي ويؤذي, وهو كثير الحركة , قدير على الانتقال والتشكل ,ولكنه صامت كالليل مظلم مثله , ولا يظهر إلا فيه , وبيني وبين هول الليل مشابه فأنا طويل مثله ,وفي طباعي جفوة ووعورة تصرف الناس عن الاطمئنان إلى عشرتي فأنا وحيد مظلم النفس , انطوي منها على ما يشبه القبر العميق المهدم , وفي ميل إلى الصمت , الصمت الطويل ولو اخترت لكنت أبكم , وكلما يهمني أن اسمع وارى وفي ميل إلى الأذى ككل الناس ولكني امقت الشر وأعافه , وأذاي من نوع الفكاهة والسخر . أما كلمة (حنفشعي ) فيقول عنها هذه كلمة منحوتة نحتاً ديمقراطياً من كلمتي حنفي وشافعي وتقال لمن يخلط بين المتناقضات مشيراً بذلك إلى انه لا يلتزم ما يلتزمه خاصة الأدباء وعامتهم من قصر القول على الموضوعات الدسمة والدراسات الفنية فهو لذلك حنفشعي . ويظل حمزة شحاتة بشعره وأدبه الرفيع وشخصياته الساخرة يشكلان مصدر إلهام للكثير من المبدعين وعلامة فارقة في مسيرة الأدب السعودي والكتابة الصحفية المتعمقة أو الساخرة فهنيئاً للاثنينية وصاحبها بهذا المنحنى الجديد من مسيرة تكريم الأدباء والعلماء والمفكرين الذي نتمنى أن تتواصل به الاثنينية مع بقية الرواد الآخرين ممن لم ينالهم الحظ ويشملهم قطار و برنامج الاثنينية بسب وفاتهم رحمهم الله ورحمنا معهم أجمعين .. وهذا علمي والسلام .