يا الله.. كم أمقت هذه المادة الأسمنتية الجامدة.. رغم أهميتها الحيوية لارتفاع بيوتنا ورؤوسنا بل وجيوبنا إلى حد الانتفاخ والتورم ولا سيما بعد تناثر شظايا كثيرة بين ثنايا لهيب أسعار الأسمنت وبخاصة هذه الأيام التي تشهد حراكا غير مسبوق في إنجاز مشاريع حقيقية طال انتظارنا لها كثيرا كمشاريع كباري وأنفاق جدة التي تستحق جائزة أطول مسلسلات البناء في التاريخ والتي شاهد ويشاهد فصول حلقاتها الساخنة سكان هذه المدينة (الغلبانة) لكثرة الأزمات التي تواجهها بدءا من (فضيحة) عفوا أقصد حلقة اختفاء مشروع الصرف الصحي من مدينة الأربعة ملايين ساكن ويمكن للمخرج إحلال كلمة (ابتلاع) بدلا من اختفاء ليترك بعد ذلك المدينة تقبع في كابوس رهيب من عدة حلقات أقلها خطرا سباق وايتات الصرف وسط المدن.. ومرورا بالتسريبات الصحية إلى خارج آبار البيارات على وزن التسريبات النفطية خارج احتياج مصانع الأسمنت!! وانتهاء بزلزال بحيرة المسك الذي هدد سكان هذه المدينة إلى حد الغرق في بحر الصرف الصحي والحمد لله نجا سكان هذه المدينة من الخطر الذي راح ضحيته أكثر من مئة شخص في حادثة مطر اليوم الواحد. لا أدري لماذا عرجت بنا أزمة الأسمنت المفتعلة على كل هذه المسارات المأساوية المؤسفة.. هل لأننا بتنا نعاني من إدمان الأزمات منذ بدأنا التحول إلى مجتمع غابة الأسمنت وننسى أو نتناسى بيوت الطين وأبنية اللبن والذكريات البريئة عن البساطة والمباني الصغيرة المتساندة بعضها على بعض كقلوب جيران الأيام الخوالي قبل أن تظهر أحياء الست والسبع نجوم وأحلام البرج الأطول في العالم (ترى هل سيحدث هو الآخر أزمة في الأسمنت لو صدقت نبوءات تشييده) كما أحدث أزمات عدة في أسواق بيع الأراضي في شمال جدة. • قد يرى البعض أن هذه النظرة التشاؤمية ستتبدد مع انتهاء المشروع (العملاق) لتصريف صحي جدة والذي انتظرنا تحقيقه طيلة ثلاثة عقود فقط.. وهذا ليس هو موضوع حديثنا هنا الآن . فالأمر الأهم هو متى سينتهي هذا المشروع؟؟ وما الذي سيحدث لو قرر مقاول المشروع التظلم أو التوقف عن إكمال المشروع بسبب ارتفاع أسعار الأسمنت وهل سيكون لهذا التظلم جدوى حتى وإن طال أمد التوقف. أرأيتم لماذا أمقت هذه المادة الجامدة إلى حد الاستفزاز؟.. ربما تعذرون مبالغتي التي تتسبب في إثارة العديد من الأسئلة. • فمثلا إلى متى سنستمر في اعتماد الطرق البدائية جدا في سحب المخلفات الآدمية بواسطة الوايتات.. ووو.. وغير ذلك كثير. • إنني أحاول بشتى الوسائل الخروج من هذه التشاؤمية القاتلة.. ولكن يفلت الأمر من يدي كلما خضت محاولة جادة للفكاك من سيطرة مخاوف أزمة ما لأقع في براثن أزمة أخرى ليس أولها الصرف الصحي وليس آخرها الأسمنت فالتعليم أزمة.. والصحة أزمة.. والضمان أزمة.. والبطالة أزمة.. والزراعة أزمة.. وحتى الشعير أزمة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 444 مسافة ثم الرسالة