تنعكس عشوائيتنا أحيانا على التعاطي مع مفرداتنا اليومية.. نزاحم تارة وتارة نتزاحم، وفي أجمل حالاتنا نكون فوضويين، وحالتنا هذه شبيهة بما يقدمه لنا فضاء الإعلام الجديد. بعض المتمردين على أقلامهم من الكتاب يرون فيه متنفسا ونافذة جديدة بعيدة عن مقصات الرقيب، متجاوزين بذلك خطوطهم (السوداء المشجرة بالكحلي)، حيث أصبحوا يغدقون علينا بين الفينة والأخرى بما تجود به عقولهم «الشاطحة» أحيانا. بل إن البعض منهم كريم إلى درجة لا يستطيع معها قارئ صفحاتهم التفريق بين تغريدة السادسة والسادسة إلا ربع، أي بمعدل (شطحة) كل خمس عشرة دقيقة. وعلى اختلاف أطيافهم وانتماءاتهم الفكرية والعقدية والعرقية أحيانا تأتي كتاباتهم مختلفة ومن مبدأ الإيمان بحرية الرأي وفضول التشعب في كل الاتجاهات نبتسم لبعض تلك الأطروحات ونتجهم من بعضها الآخر. وللإنصاف، فإن الترميز في ما يكتبه بعض الشاطحين ينم عن ذكاء فطري لدى من ينظرون لتلك النافذة من زاوية أخرى ويراعون فيها أسماءهم الصريحة وتاريخهم وخطوطهم التي يعتبرون تجاوزها (وأدا) لأحد مسلماتهم الحياتية، لذلك نجد فيما يكتبون شيئا من الاتزان رغم بعض (الانفلات اللاإرادي). قرأت قبل فترة عن قرار شركة تويتر التي تعتزم فيه فرض نوع من الرقابة على مستوى ما ينشر من تغريدات في موقع التواصل الاجتماعي، وعلى حد زعمهم أن الهدف هو أن تخضع التغريدات للرقابة بما يتوافق مع القوانين المختلفة في كل دولة. قرار كهذا أثار غضب كثير من مستخدمي تويتر، بل إن البعض اعتبره وصاية فكريه لا يمكن القبول بها. وهنا سؤال قد يتبادر إلى الأذهان.. لماذا الغضب؟ لا أعلم أو ربما أجيب قائلا: «لأننا لا نجيد الرقص داخل المستطيل». ولكن يبقى التساؤل الأهم: ماذا عن الرقيب الذاتي لدى بعض المتمردين على أقلامهم ثم ما ذنبنا نحن كمتلقين إذا ما اعتبرنا أن الإعلام الجديد بكل أشكاله نافذة ثقافية قد تتشكل بها ثقافة جيل بأكمله؟.