للصمت لغاته الكثيرة، فهو دليل الموافقة إذ تحمر وجنتا العذراء، هو كذلك يدل على الضعف لأن الآخر يضعك أمام خيارين إما الصمت أو الصمت. ثمة صمت يفرضه الموقف وغرابته، فتكبل الدهشة عقلك، فلا يعرف لسانك ما الذي يقوله بعد أن شل محركه / العقل. صمت الدهشة يمكن له أن يصيبك إذا قررت وبمحض إرادتك متابعة ما يمكن تسميتها «حرب البيانات الباردة» بين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ووزارة الصحة. هذه «الحرب الباردة» بدأت بإعلان هيئة الفساد عن اختلاس وسرقة كميات من اللقاحات والأمصال من مستودعات إحدى مديريات الشؤون الصحية. بعد هذا الإعلان ستظن أن الأمر حسم وسيتم القبض على من اختلس وسرق، ولا تنتبه أن «بعض ظنك إثم» ، لأن ما سينجم عن هذا الإعلان ليس القبض، بل بيان ترد فيه الوزارة على اتهامات الهيئة، وأن هيئة الفساد ليست من اكتشف السرقة والاختلاس بل الوزارة، وأن وزارة الصحة تؤكد حرصها على انتهاج مبدأ الشفافية، وأن الله هو الهادي إلى سواء السبيل. بعد هذا البيان الذي يربك خلايا الدماغ، ينقض بيان هيئة الفساد على ما تبقى من خلاياك العاملة على تفسير وفهم، ليصيبك بصمت الدهشة. بيان هيئة الفساد كان يفند ملابسات ما ورد في بيان وزارة الصحة، وأن من كشف الاختلاسات ليس الوزارة بل شكوى من إحدى الشركات الموردة عن ملاحظتها وجود لقاح لم يستورد من قبلها يستخدم في العديد من المستشفيات أرسل للوزير والوزير حوله لهيئة الفساد. ولأنه لم يبق في دماغك إلا خلية واحدة نجت، تتساءل سريعا: هل هيئة الفساد مثل الموظف ضعيفة ترى الفاسد، لكنها مثله لا تستطيع أن تفعل له شيئا؛ لهذا تفند البيانات فقط؟. تتساءل أيضا: ليس مهما من اكتشف الفساد، المهم هل تم القبض على المسؤولين عن هذا الفساد، ومن هم ؟. S_ [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة