تعتبر المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية والتي تم البدء في تنفيذها، واحدة من الإلهامات السياسية النوعية في بلد نوعي بموقعه وجغرافيته واتساقه مع حكمته التاريخية المفترضة التي يبدو أنه يتم انتزاعها من بين أنياب السياسيين على مختلف توجهاتهم. وتأتي هذه المبادرة من صميم الحاجة الوطنية والإقليمية والدولية في بلد مثقل بالفقر والسلاح وأمراء الحروب والثقافة التقليدية التي ساهمت في تأخير ترسيخ مداميك الدولة المدنية الحديثة لعقود،لذلك مثلت مبادرة الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي انفراجة أمل في سماء اليمنيين الذين تعمقت معاناتهم ونزفت دماؤهم خلال عام... كان لابد في نهايته من حل يجمع بين الحاجة للتغيير وبين الحاجة الأكثر إلحاحا لسلامة الطريق المؤدية إليه ، وضمان سيره عبر آليات محددة وحضارية حيث انطوت على قيم السلام والتسامح والشراكة، ومع التقدم في إنجاز خطوات هذه المبادرة وصولا إلى يوم 21 فبراير ، تبقى مسألة كيفية بقائها كخارطة طريق ناجحة في تأريخ اليمنيين استدعتها الرغبة المشتركة في تأمين جنوب الجزيرة والخليج العربي من الهزات. إن معركة اليمنيين مع الفقر والبطالة والفساد وترهل دور الدولة وضعفها لم تنته بعد..والدور الخليجي لم ينته، بل إنه مدعو أكثر من أي وقت مضى لترجمة روح المبادرة الخليجية التي تنحاز للشعب اليمني، وكما سعت لحقن دماء اليمنيين فإن الانتقال معهم إلى بناء دولة مدنية حديثة، ووضع اقتصادي أفضل وحقن كرامتهم التي كثيرا ما تراق، وتبني مشروع خليجي في اليمن هو الجوار الأكثر نضوجا وفهما لما يحتاجه الشعب اليمني في هذه المرحلة عالية الدقة والحساسية. إن مستقبل المبادرة الخليجية في اليمن يجب أن لا يقف عند حدود السياسي في نظرة مجتزأة لاشتراطات الجغرافيا والتاريخ، بل تتعدى إلى مختلف المجالات وفي طليعتها المجال الاقتصادي الذي يبدو أنه سيظل اللاعب الأكثر حضورا في العلاقات اليمنية الخليجية وهو المحدد الحقيقي لثراء هذه العلاقات أو فقرها . • كاتبة يمنية