من المفترض والمؤمل أيضًا أن يتم اليوم التوقيع على المبادرة الخليجية لإسدال الستار على هذا الفصل المؤسف من تاريخ اليمن الذي وضعه على حافة الهاوية ، وحيث أصبح من الواضح أن المبادرة الخليجية تشكل طوق النجاة للأخذ بيد هذا البلد العربي الشقيق الذي عانى طويلاً من الحروب الداخلية بدءًا من ستينيات القرن الماضي ، وبعد أن بات من الواضح أيضًا أن التوقيع على المبادرة يقدم الفرصة الأخيرة لنزع فتيل أزمة لا أحد يدري إلى أين ستمضي إذا ما استمرت تراوح مكانها. لقد أثبتت دول المجلس من خلال المبادرة التي حازت على تأييد ودعم المجتمع الدولي أنها حريصة كل الحرص على سلامة اليمن ووحدته واستقراره ، وأنها تمد له يد العون لوضع نهاية لحالة الفوضى والاحتقان ، ولوقف نزيف الدم وهدر مكتسباته الوطنية ، وإعادة الثبات والاستقرار والسلم الأهلي إلى ربوعه . وما تمسك دول المجلس بتلك المبادرة المتوازنة من خلال الاجتماعات المتكررة لوزراء خارجية دول المجلس والجولات المكوكية التي قام بها أمينها العام ، إلا دليل على هذا الحرص ، لكن اصطدام المبادرة ، مع الأسف الشديد، بحالة التردد والمماطلة من قبل جانبي النزاع ، وضعها أمام طريق مسدود ، بكل ما يعنيه ذلك من سيناريوهات استمرار الأزمة وتفاقم الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية ، وما يمكن أن يخلفه ذلك كله من تداعيات ومخاطر لا يعلم إلا الله مداها ومخاطرها . طرح الرئيس اليمني أمس الأول لفكرة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة كحل للأزمة السياسية الراهنة يمكن أن يكون خطوة جيدة ، لكن ليس قبل توقيع الاتفاق من قبل الجانبين ، لأن التوقيع سيكون بمثابة الخطوة الأولى لحل الأزمة حلاً جذريًا وشاملاً. وإذا كان ثمة سيناريوهات عديدة أمام الوضع المعقد في اليمن ، فإنه ينبغي الأخذ في الحسبان نفاد صبر دول المجلس في مساعيها لحقن الدماء وإعادة الأمن والاستقرار لليمن الشقيق ، لأنه لا يمكن أن تكون تلك الدول أشد حرصًا على مصلحة اليمن وعلى وحدته واستقراره أكثر من اليمنيين ، وهو ما يعني أن دول المجلس لن يكون في وسعها الاستمرار في طرح المبادرة في ظل هذا التردد وتلك المراوغات .