ما بين حلم التخرج والواقع العملي، مسافة من التضحية والمثابرة، يستلهم من خلالها مجموعة من الطلبة المتفوقين مهنة المستقبل وهم يتسلحون بالمعارف والتقنية الخارجة عن النمط التقليدي في مناهج التعليم ،حيث يؤمن أطباء المستقبل أن الوصول لمستقبل يتوافق مع قدراتهم ،يتطلب الخروج عن التقليدية وتوسيع قاعدة معارفهم العلمية والعملية. ويدرك أطباء المستقبل أن مفتاح درب الألف ميل يبدأ بخطوة أولى في حياة كل منهم. فيرسمون خارطة طريقهم صوب المستقبل من خلال تحديد هدف استراتيجي يسعون إلى تحقيقه ليكون ثمرة جهدهم بعد سنوات من التحصيل العلمي والسهر والدموع، فمعطف الطبيب والمشارط وسماعات التحسس ،تشعل في ذواتهم مساحات واسعة من التفاني والجدية بعد أن تيقنوا أن طريقهم لن يكون مفروشا بالورود، بل مليء بالأشواك ليصلوا إلى شاطئ «المهنة البيضاء». «عكاظ» التقت نخبة من طلاب المرحلة المتوسطة والثانوية المتفوقين الذي حققوا المراكز الأولى على مستوى مدارس تعليم العاصمة المقدسة وقد جمعهم حلم واحد « أطباء المستقبل» . تطويع التقنية أسامة العلياني طالب بالصف الأول ثانوي يطوع التقنية من وقت مبكر لحجز مقعدا جامعيا بعد ثلاث سنوات في إحدى كليات الطب يقول: « في زمن التقنية تنوعت مصادر التعلم، وبتنا نلامس مخترعات العالم بضغطة زر، وهذا بلا شك عامل مهم في بناء ثقافتنا العامة وتعزيز تطلعاتنا المستقبلية بما يتوافق مع قدراتنا، وحيث إنني وضعت طموحي في تخصص الطب فإني أحرص على تطويع التقنية للوصول إلى هدفي من خلال متابعة كل الإنجازات الطبية والتطورات التي يشهدها هذا المجال،مما زاد من رغبتي في طرق أبواب هذا المجال بعد أن أنهي دراستي الثانوية التي بدأت سنتها الأولى وعيني على مقعد جامعي في كلية الطب في إحدى الجامعات» . تطوير المناهج ويرى طالب السنة الأخيرة في المرحلة المتوسطة ريان مروان مختار أن المناهج الحالية لا تتواءم مع طموحاته المستقبلية فيقول: «حلمي المستقبلي أن أرتدي معطف الطبيب لخدمة وطني ورفع معاناة المرضى فهذه مهنة إنسانية نبيلة، ولكن لا أجد في المناهج الدراسية البعد الذي قد يجعلني أحقق حلمي؛ فتخصص الطب بحاجة إلى التعمق في المواد العلمية واللغة الإنجليزية وهذا ما لا أجده في المناهج لذا أحرص على تنمية مهاراتي في تلك الجوانب من خلال التواصل الإلكتروني مع العديد من المواقع العلمية التي أجد فيها ضالتي ولكن أتمنى من وزارة التربية والتعليم الاهتمام بشكل كبير في تطوير المناهج العلمية». أهمية التدريب ويعتقد الطالب عبدالله معيض القرني أحد المتفوقين في المرحلة الثانوية أن التدريب جزء مهم في تنمية مهارات الطلاب سيما في المرحلة الثانوية ويقول : «لا يزال التدريب غائبا في مدارسنا والمفترض العمل على تعزيز هذا الجانب بما يضمن تأهيل الطلاب لسوق العمل بمختلف التخصصات والميولات ،وحيث إنني أطمح في الطب مستقبلا، فإنني أجد من الضروري أن أنمي مهاراتي في عدة جوانب لعل من أبرزها اللغة الإنجليزية والتجارب العملية من خلال مشاهدة العديد من المواقع المتخصصة في هذا الجانب، وكان أملي أن أجد في المدرسة مساحة أوسع، لذلك لم أجد بديلا عن الشبكة العنكبوتية لتحقيق حلمي». رعاية الموهبة ويقترح الطالب عمر عبدالعزيز غفوري طالب في المرحلة الثانوية : «التوسع في مراكز رعاية الموهبة في المراحل المتقدمة من الدراسة العامة يصقل المواهب ،وعنصر رئيس في تحديد هوية مهنة المستقبل، ولعل الطب أقرب إلى ذاتي من أي مهنة أخرى، ولكن لا أجد المحفز الحقيقي الذي يدفعني لهذا الحلم في المناهج الدراسية ،ولا في الممارسات العملية داخل المدارس، وهذه حلقة غائبة ومهمة فالمفترض على الوزارة العمل على رعاية الموهبة من وقت مبكر ودمج الطلاب الموهوبين في مراكز متخصصة تعنى بتطوير مهاراتهم وصقلها بما يضمن تمكنهم مستقبلا من مواجهة التحديات خصوصا في مهنة كالطب والذي لا تزال بلادنا بحاجة له لسنوات مقبل». تجارب ذاتية ويرى محمد كمال عسيري الطالب في الصف الثالث متوسط أن التجارب الذاتية للطالب مهمة في تحديد مهنة المستقبل، فضلا عن تأثره بمن حوله من الأقارب والأصحاب فيقول: « سأكون في المستقبل طبيبا بارعا لثقتي في نفسي وقدراتي، وقد عشقت هذه المهنة من وقت مبكر من خلال معرفتي بالعديد من الناجحين في هذا المجال ومنهم أقارب وأصدقاء؛ ففي كل لقاء يجمعني بهم يتنامى نهمي لهذه المهنة العظيمة،لكن ما أومن به ليس بالضرورة أن ينسحب على كل من يريد الطب كمهنة، فلا بد أن تتوافق الرغبة مع القدرات لهذا أحرص على إعداد نفسي من وقت مبكر قبل أن أصل لمقعد جامعي». خيار وحيد ويضع طالب الصف الأول ثانوي خالد غازي البركاتي مهنة الطب كخيار وحيد في حياته المستقبلية، وهو ما دفعه صوب العمل منذ سنوات على تأهيل ذاته ليكون طبيبا في المستقبل ويقول : «لا أجد نفسي في مهنة غير الطب، فقد تمكنت هذه المهنة من كل رغباتي الذاتية، وهذا ما جعلني أحدد هدفي من وقت باكر وأرسم خطوات وصولي إلى كلية الطب بثقة وتنمية مهارتي وتطوير قدراتي من خلال القراءة والاطلاع والمتابعة لكل المنجزات الطبية الحديثة سواء المحلية أو العالمية، ووسيلتي في ذلك التقنية بشتى صنوفها ومختلف وسائطها فأستغل يوميا جزءا كبيرا من وقتي في الاطلاع على كل جديد، وأتابع كل منجز، فمشوار الألف ميل كما يقال يبدأ بخطوة».