لا يخفى على أحد أهمية وسائل النقل والمواصلات داخل المدن وخارجها. فهي تعتبر شريان الحياة لاقتصاد تلك المدن. لذا لا نستغرب أن أمم العالم الأول أولت وسائل النقل لديها كل العناية بتوفيرها وتنويعها. فنرى لديها الحافلات والقطارات والطائرات بالإضافة لتوفيرها لشبكات الطرق الحديثة للسيارات والشاحنات لتربط أجزاء بلدانها ببعض واتصالها بشبكات الدول الأخرى. وتعتبر وسائل النقل من حيث توفرها وتنوعها أحد المعايير العالمية والمعتمدة لتصنيف مدى رقي وتحضر الأمم. ولو نظرنا لواقع وسائل النقل لدينا داخل المدن لوجدنا أننا نعاني من شح كبير في توفير وتنويع مصادره. فلازال التنقل بالسيارات الخاصة والعامة (التاكسي) هو الصفة الغالبة لوسائل المواصلات داخل مدننا يليها التنقل بواسطة الحافلات. هذا الوضع ضغط وبشدة على الطرق والشوارع لدينا وأصبحنا نئن تحت وطأة الازدحام وكثرة الإشارات والاختناقات المرورية والتلوث البيئي الناتج من عوادم تلك السيارات. للأسف لم تواكب وسائل المواصلات والنقل المناسبة نمو مدننا السكاني ولا تمددها العمراني الهائل. فلازلنا نعتمد على شبكة حافلات متهالكة غير آمنة وغير منضبطة في جداول حركتها، ولا في محطات توقفها. شخصيا.. أنا لا أعتبر أن لدينا شبكة حافلات كوسيلة للنقل والمواصلات داخل المدن، مع تقديري لأخينا مناحي سائق الباص في مسلسله التلفزيوني المشهور. يجب أن نعيد حساباتنا ونفكر استراتيجيا قبل فوات الأوان حتى لا نجد مدننا أصبحت عبارة عن تلبك واختناقات مرورية في كل أجزائها. وأرى أن نبدأ وبسرعة بالتفكير والتنفيذ لوسائل مواصلات حديثة ومتنوعة وأقترح الآتي: 1) البدء في إنشاء القطارات السطحية (مايعرف بالترام أو المونو)، وكذلك القطارات تحت الأرض (مايعرف بالاندر قراوند) داخل المدن. والإسراع قدر الإمكان في هذا الأمر وإعطائه الأهمية القصوى فكل تأخير سيكلفنا أكثر ويصعب علينا التنفيذ. 2) تسليم شبكة الباصات أو الحافلات لاتحاد شركات وطنية وأجنبية لإعادة صياغة هذه الوسيلة المهمة في داخل المدن بحيث يشمل توفير الحافلات الحديثة وإعادة إنشاء محطات التوقف الرئيسية والصغيرة. ومن العبث تضييع الوقت والمال في محاولة تطوير الموجود. ويتم دمج الإخوه السائقين للحافلات الحالية بالشركة الجديدة مع إعطائهم ميزة التملك أو المشاركة في الحافلات.. لقد تأخرنا كثيرا وبدون مبرر منطقي في مجال وسائل النقل والمواصلات داخل المدن. وبدلا عن حل المشكلة اتجهنا لمعالجة الأعراض والنتائج كالازدحام والاختناقات المرورية وذلك ببناء الكباري والأنفاق وهذا حسن ولكن يجب معالجة المشكلة وليس النتائج فقط. وسنصل إلى طريق مسدود في النهاية لو لم نسرع بإنشاء شبكة قطارات وحافلات حديثة ومنتظمة. وهو مشروع استثماري عوامل نجاحه متوفرة لدينا وهي الكثافة السكانية. ولنا في بعض دول الخليج قدوة حسنة فقد فطنوا لهذه المشكلة وأسرعوا لحلها ونجحوا رغم أن عدد سكانهم بالإجمال لا يوازي عدد سكان إحدى مدننا الرئيسية. ولا يمنع لتشابه ظروفنا بهم أن نستعين بشركاتهم ونستأنس بآرائهم لسرعة إنجاز شبكتنا وتلافي الأخطاء المحتملة. * مهندس استشاري. [email protected]