أكد الحكم الدولي والمقيم والمحاضر للحكام بالاتحاد السعودي لكرة القدم عبدالله بن محمد القحطاني، أن ما يحصل عليه الحكم السعودي من مزايا لا يوازى ما يقدمه من عطاء ولا يقارن بأمثاله من الحكام الأجانب، وبين القحطاني أن الإعلام الرياضي السعودي هو إعلام ميول وإعلام أندية متعصب تحركه العاطفة ويسيطر على تفكيره الميول، مضيفا أن لجنة الانضباط حدت من تهجم رؤساء الأندية على الحكام. «عكاظ» التقت بالحكم الدولي عبدالله القحطاني وخرجت بهذا الحوار: • بداية كابتن عبد الله، ما تفسيرك لعدم ثقة بعض الأندية بالتحكيم السعودي؟ في البداية كانت إسقاطا لفشل كثير من الأندية على الحكام لفشلها في تحقيق نتائج إيجابية يرونها من وجهة نظرهم حقا مسلوبا والحكام هم من سلبوهم ذلك، كرس لتلك الفكرة إعلامي الميول والتعصب المنتمين لتلك الأندية، تحولت مع مرور الوقت إلى أزمة ثقة بين الأندية والحكام، وبدأت تتلاشى بحضور الحكم الأجنبي الذي ثبت أنه يرتكب نفس الأخطاء البشرية التي يقع فيها الحكم السعودي رغم الأموال الطائلة التي تنفق على إحضاره، مما جعل كثيرا من الأندية تغير قناعاتها في إحضار الحكم الأجنبي، وهذا الموسم شاهد على تقلص حضورهم. • ما المباراة التي تعتبرها صنعت اسم عبدالله القحطاني؟ لا توجد مباراة بعينها تستطيع صنع اسم حكم وإنما تكون هناك مباريات تقدمك للشارع الرياضي وللرأي العام ودائما ما تكون المباريات التنافسية هي من يخدم الحكم في الظهور في وقت أقل، ولكن تبقى صناعة حكم ليست بالأمر السهل، فهي نتاج عمل تراكمي متعدد الجوانب ويحتاج إلى وقت، وهو ما صنعته خلال ما يزيد على عشر سنوات تحكيمية في كل المسابقات. • ما المباراة التي شعرت أنك أخطأت في حق فريق ما؟ لا بد من الإقرار بأن الأخطاء جزء لا يتجزأ من تحكيم كرة القدم ولكن يختلف حجمها بحسب فداحة الخطأ، وهذا ما لم يحدث لي -ولله الحمد- وسجلات لجان التحكيم تشهد بذلك فخلال مسيرتي التحكيمية لم تتم مساءلتي عن خطأ كان له تأثير مباشر على نتيجة مباراة وهذا توفيق من الله، بل لم أسجل أي إخفاق على المستوى اللياقي أو التقييمي القانوني حتى اعتزالي ومغادرتي صفوف التحكيم السعودي. • أنت تعرف بأن الحكم عرضة للسب والشتم تارة من الجمهور، وتارة من اللاعبين، وأخرى من الإداريين، كيف استطعت التغلب على ذلك؟ مثل هذه الأشياء التي ذكرتها لا يمكن للحكم تجاوزها إلا إذا كان يملك شخصية و(كاريزما) يستطيع داخل الملعب أن يقف لها بكل حزم، ويستطيع خارج الملعب أن يتعامل معها دون أن تؤثر على مسيرته التحكيمية، خصوصا إذا ما فهم اللعبة التي تدار من خلالها مثل تلك الأمور، وأؤكد أن مثل ذلك لا يتأتى إلا لمن يملك شخصية قوية وصارمة ومتعقلة للتعامل مع تلك الأمور، وهذا -ولله الحمد- صقلته من خلال طبيعة عملي الوظيفي الذي أضاف لي الشيء الكثير على مستوى الشخصية ومن مزاولتي للإعلام قبل التحكيم وهذا سهل علي تجاوز الكثير من تلك الأمور وأنا صاحب اليد الأعلى فيها. • يقال إن بعض الحكام يتعاطفون مع بعض الأندية المشهورة في المباريات لأهداف شخصية. ما تعليقك على ذلك؟ الحكام بشر وأصحاب ميول وهذا غير قابل للشكك في وضعه العام، ولكن أعود وأؤكد أن من لا يملك الشخصية الاستقلالية فقد ينساق وهو لا يعلم إلى ذلك المنزلق الذي أعتبره بلا شك بداية النهاية لأي حكم، لذلك من لا يضع نفسه طرفا آخر في تلك المعادلة، ويعلم أن نجاحه وتفوقه أهم بكثير وأسمى من أن يقع ضحية تلك العاطفة، وقبل هذا أن ما يقوم به في الأصل عمل مؤتمن عليه وهو في مكان تحقيق عدالة فأقول له لقد أتيت إلى المكان الخطأ الذي لا تستطيع فيه ممارسة تلك العاطفة لأنها مكشوفة، وإذا استسلمت للشهرة ومكانة تلك الأندية فقد حققت لهم ما يريدون على حسابك وسوف يلفظك عالم التحكيم إلى غير رجعة. • إذن، كيف كان أسلوبك مع إدارة المباريات؟ ما ميولك الرياضي؟ أسلوبي في إدارة المباريات كل الأندية تعلمه وتعلم أنني لا أقدم أي تنازلات على حساب شخصيتي أو على حساب تطبيق قانون اللعبة وأملك من الجدية الكثير في تنفيذ ما يوكل إلي من مهام سواء كحكم ساحة أو كحكم رابع، ولله الحمد صنعت لنفسي شخصية فرضتها على الجميع من خلال احترامي لعملي ونظرتي للجميع في هذا الميدان بأنهم سواسية ولا أفرق في تطبيق العدالة بين كبير وصغير وبين نادٍ ذي نفوذ وآخر لا يملكه، ورغم أن ذلك سبب لي الكثير من المتاعب والصدامات في البدايات، ولكن -ولله الحمد- مع مرور الوقت تقبل الجميع ذلك لأنهم عرفوا أن ذلك مبدأ لا يمكنني التنازل عنه وقبلوه، وإن كان قبول بعضهم على مضض ولكنني في الأخير وصلت لما أصبو له حتى تركت ميدان التحكيم، وما زلت أمارس نفس السياسة والمبادئ مع وضعي الحالي. أما من ناحية ميولي فلو كان الجو الرياضي لدينا صحيا لأعلنت عنه، ولكن ما الفائدة إذا كانت النتائج معروفة لي سلفا هي تشكيك وقدح في الذمم. • للإعلام الرياضي أسلوب قاس على الحكام، ما الأسباب ورأيك في ذلك؟ بكل صراحة وبكل اختصار، إعلامنا الرياضي هو إعلام ميول وإعلام أندية متعصب تحركه العاطفة ويسيطر على تفكيره الميول، أشتكى منه كل من ينتسب للوسط الرياضي بدءا من المسؤول الأول في الرياضة، وكثر هم المسترزقون من خلف ذلك لا أعاده الله من رزق إذا كان مصدره هذه الطريقة إلا ما ندر وهم للأسف قلة أسأل الله لهم الثبات، لأن هناك كثيرا تغيرت وتبدلت مبادئهم عندما طعموا ورضوا بما دون ذلك، والتحكيم جزء من ذلك المجتمع الرياضي عانى الأمرار لأنه الجدار الأقصر وغير المحمي. • تهجم بعض رؤساء الأندية على الحكام أمر مزعج، برأيك ما الحل؟ مثل تلك الأمور حلها في وجود الرادع المتمثل في إقرار عقوبات للمتجاوزين، وهذا ما تم بالفعل بإقرار لائحة الانضباط، التي وللإنصاف فإن لجنة الانضباط شرعت وقطعت مشوارا ليس بالقصير في تطبيق هذه اللائحة على هؤلاء المخالفين والشواهد عديدة وقد حد ذلك في الكثير من التجاوزات، إضافة إلى وجود شخصيات متزنة ومتعقلة تدير العديد من الأندية ساهمت في انخفاض حدة ذلك التهجم. • ما مميزات الحكم الدولي الجيد، من وجهة نظرك؟ من وجهة نظري أن الحكم الجيد هو من يحظى برقابة ذاتية على كل شؤونه وهذا في المقام الأول كفيل بإمساكه ببداية التميز، إضافة إلى المحافظة على مواعيد تمارينه بشكل منتظم وسيره وفق برنامج تدريبي وغذائي يتوافق مع حالته البدنية، إضافة إلى تزوده الدائم بالمعارف القانونية في عالم قانون كرة القدم، بالإضافة إلى التواصل مع أصحاب الفكر والرأي النير من إصحاب الخبرات التحكيمية المتطورة والمواكبة والمطلعة لما هو جديد وحديث في قانون كرة القدم، ومع التحكيم للعديد من المباريات ذات القيمة الفنية سيصل -إن شاء الله- للتميز المنشود، وكل هذا لا يتأتى إلا بوجود شخصية للحكم مميزة وقيادية وذات استقلالية تساعده على بلوغ التميز. • ما الذى ينقص الحكم السعودي لكى يتساوى مع الحكم الأجنبي؟ لا ينقصه إلا ثقة الشارع الرياضي ومنتسبي الأندية، والإيمان بأن الحكم السعودي لا يقل عن أمثاله في شتى بقاع العالم بل يزيد بأنه صاحب فطرة ونشأة إسلامية تكفل له مخافة الله ومراقبته له في كل شؤونه. • هل الحكم السعودي جدير بإدارة مباراة مهمة عالمية؟ بكل تأكيد، وما حضور الحكم السعودي في كثير من المناسبات القارية والعالمية إلا أكبر شاهد على ذلك، رغم شح الدعم الذي يحظى به الحكم السعودي، وانضمام عدد من الحكام السعوديين إلى النخبة خير دليل على ذلك. • لماذا بعد كل هزيمة تتجه أصابع الاتهام للحكم؟ يندرج ذلك تحت ما يسمى بإسقاط الفشل، والحكم الأسهل لممارسة مثل ذلك الأسقاط. • كحكم دولي، ما نصيحتك للحكام الشباب؟ مخافة الله قبل كل شيء في كل خطواته، الرقابة الذاتية، التزود بالمعارف التحكيمية المتجددة، استشارة الخبرات التحكيمية السابقة المتمكنة، استغلال أي حضور تحكيمي في صقل موهبته وزيادة خبراته، الشخصية الاستقلالية القوية. • أخطاء الحكام الأجانب، لا أحد ينظر لها، أما أخطاء الحكام المحليين البسيطة فتفسر بتفسيرات أخرى؟ لأن الأساس في مهاجمة الحكم السعودي من قبل الأندية هي تشكيل الضغوط عليه، وهذا لا يأتي مع الحكم الأجنبي الذي يحضر قبل ساعات ويغادر بعد ما يماثلها، فيفسرون مثل تلك التفسيرات والتشكيكات للحكم السعودي. • خلال عملك كمقيم للتحكيم، ماهو تقييمك لحكام الدوري، والحكام الآسيويين؟ في هذا الموسم لا يمكن لمنصف أن يقلل من التطور الذي طرأ على مستوى الحكم السعودي، لذلك مستوى الحكم السعودي يتراوح ما بين الجيد والجيد جدا، وهذا ليس بالقليل في تقييم الحكام على المستوى العالمي، والحكام الآسيويون تتفاوت مستوياتهم من حكم لآخر ولكن يبقى التميز المطلق يدور بين الثلاثي الآسيوي (الأوزبكي رافشان)، (والياباني ناشيمورا)،(والسعودي خليل جلال). • هل تعتقد أن الحكم السعودي، يحصل على مزايا مالية مناسبة لعطائه؟ بكل تأكيد ما يقدم للحكم السعودي من مزايا لا يتوازى مع ما يقدمه من عطاء ولا يقارن بأمثاله من الأجانب، إذا ما علمنا أن تكلفة طاقم أجنبي واحد للمباراة واحدة يوازي تكلفة 20 طاقما سعوديا دوليا ول20 مباراة في دوري المحترفين السعودي، وإن كان هناك تحسن ملحوظ في ذلك ولكن ليس عند مستوى الطموحات. • لجنة الحكام هل تقوم بعملها بشكل مناسب؟ يشهد التحكيم السعودي في عهد اللجنة الحالية تطورا ملحوظا لا ينكره إلا جاحد أو مشكك، فاللجنة الحالية نقلت التحكيم السعودي نقلة متطورة على المستوى الفني والتطويري والمالي، وأعطت الفرصة للعديد من المواهب التحكيمية القادمة وبجرأة غير مسبوقة في تاريخ كل اللجان التحكيمية، وهذا مرده لوجود كفاءات تحكيمية فنية وإدارية تدير اللجنة متمثلة في الخبير (عمر المهنا)، والقدير(إبراهيم العمر)، والمتطور والمرجعية التحكيمية الدولية (علي الطريفي)، إضافة لباقي زملائهم أعضاء اللجنة الحالية. • من أفضل حكم في الدوري السعودي حتى الآن؟ خلال السنوات الأخيرة يظل الحكم الدولي عبدالرحمن العمري يشكل رقما صعبا في الأفضلية، إلى جانب زميله الدولي الآخر المونديالي خليل جلال، وإن شاء الله هناك ملاحقة محمومة من قبل الدولي فهد المرداسي. • غادرت لجنة الانضباط باستقالة غامضة لم تبح بمسبباتها؟ بالفعل كانت كذلك، وكان وقتها أنسب الأوقات للبوح بذلك ولكن نزولا عند رغبة شخصية لها الفضل بعد الله سبحانه وتعالى لما وصلت إليه وظيفيا ودراسيا ورياضيا وتم إغلاق وطي تلك الصفحة تقديرا له، وإن كانت قابلة للفتح فقط أمام من يهمه الأمر في اتحاد القدم. • كيف تنظر لمستقبلك؟ وماذا تطمح له بعد الآن؟ على المستوى القريب آمل من الله سبحانه وتعالى في أن أحصد الأفضلية المطلقة على مستوى المقيمين والمحاضرين السعوديين، ومستقبلا أطمح للوصول القاري والدولي في ذات السياق.