أصبحت عين الكاميرا.. دليلا واضحا لإدانة كل من تقع عليه وهو يرتكب تصرفات خارجة عن الروح الرياضية.. ولأن المدرجات تعج بمختلف الأطياف الجماهيرية فقد أفرزت العديد من التصرفات التي لا تمت للرياضة بصلة. في الموسم الماضي انطلقت أشعة الليزر من بين حشود آلاف الجماهير لتطول أعين اللاعبين والحكام.. وفي هذا الموسم تنتفخ الجيوب بالريالات التي تعانق الأيدي وترفرف في الهواء الطلق تعبيرا عن الاحتجاج على الأداء التحكيمي في إيحاءات فسرها الكثير بأنها اتهامات واضحة بالرشوة. تصرف سلبي سلطت «شمس» أشعتها عليه لمناقشة مسبباته وكيفية علاجه مع العديد من الأطراف. تأجيج الشارع في البداية تحدث رئيس لجنة الحكام الرئيسية بالاتحاد السعودي لكرة القدم عمر المهنا «حكام المباريات أو المقيمون يسجلون جميع الأحداث سواء داخل أرضية الملعب أو الشغب الجماهيري، مثل رفع النقود تجاه الحكام، وبدورنا نرفع ما دون إلى الأمانة العامة في الاتحاد السعودي التي تخاطب اللجنة الفنية أو لجنة الانضباط». وأضاف «حركة التلويح بالنقود تجاه الحكام يفترض ألا تظهر في رياضتنا السعودية، لأننا قبل كل شيء مسلمون وأبناء بلد واحد ويجب ألا ندخل في ذمم الحكام، وأتمنى أن تكون مباراتا الأهلي والشباب , ونجران والهلال هي آخر المباريات التي تظهر فيها مثل هذه الأحداث التي تؤجج الشارع الرياضي، خاصة أن حكامنا السعوديين على مستوى عال ولا أعتقد أنهم يستحقون ما تفعله بعض الجماهير تجاههم، وأتمنى أن تكون هذه الحركة مجرد فقاعة صابون ليس إلا». كما تمنى المهنا أن يكون رؤساء الأندية صادقين في تبريرهم لرفع جماهيرهم النقود تجاه الحكام، وتأكيدهم أن المقصود الضائقة المالية، ما يعني وجوب الأخذ بحسن النية. السعودي نزيه ويحمل المدرب الوطني والمحلل التلفزيوني جاسم الحربي مسؤولية تأجيج الجماهير لإداريي الأندية الذين يبررون النتائج السلبية بالحديث عن الحكام، ما يرسخ لدى الجماهير أن الحكم ظلمهم ويرون أنه مرتش «لا بد أن يعرف الجميع أن الحكم السعودي نزيه والدخول في ذمم الحكام أمر ليس سهلا وأتمنى من لجنة الانضباط أن تقف وقفة صادقة تجاه هذه الأفعال الشنيعة، وما نشاهده أمر غير مقبول ولا يرضينا كرياضيين متابعين لدوري زين السعودي للمحترفين». وأضاف «لا بد من قرارات صارمة تجاه من يسيء للحكام، إما بالشطب نهائيا أو الإيقاف لعدم تكرار ما يحدث للحكام من تجاوزات أكبر من ذي قبل» وتمنى الحربي ألا يتأثر الحكم فهد المرداسي بما يثار حوله ولا يقع في الخطأ نفسه الذي وقع فيه شقيقه الحكم ممدوح المرداسي حينما قاد في أحد المواسم 11 مباراة لفريق الحزم وفاز فيها كلها، حينها خرجت عليه أصوات تشكك في نزاهته. اتهام خطير وكان لرئيس تحرير صحيفة «جول أون لاين» الإلكترونية خلف ملفي رأيه «كنت أتمنى أن يتدخل الرئيس العام لرعاية الشباب بعدما فشلت لجنة الانضباط في التصدي لهذه الظاهرة، حيث يصعب الآن أن تعاقب لجنة الانضباط جماهير نجران والأهلي»، وبين أن الجمهور يصدق ما يسمعه وما يقرؤه من قبل النقاد ومسؤولي الأندية تجاه الحكام في وسائل الإعلام. وأشار إلى أن الأمير فيصل بن فهد، رحمه الله، تصدى لمحاولات استنقاص الحكام، ولجميع من ينتقد الحكام بقصد التجريح لا بالتصحيح، وأوضح أن مثل هذه التصرفات اتهام خطير للحكام يعد نتاجا لتصريحات مسؤولي الأندية ضد قرارات الحكام. وأضاف «يفترض أن تصدر لجنة الانضباط بيانا عاجلا لمناقشة القضية، وإصدار عقوبات رادعة»، واستغرب ملفي أن تضم اللجنة خمسة أشخاص بينهم ثلاثة محامين وخلفيتهم في الرياضة ضعيفة». الجهات الأمنية فيما أكد مدير المركز الإعلامي بنادي الهلال عبدالكريم الجاسر أن الرياضة السعودية تعودت على ممارسات ضد الحكام إلا أنها لا تصل إلى الاتهام المباشر بالرشوة «المسؤولية تقع على الرئاسة العامة لرعاية الشباب للتنسيق مع الجهات الأمنية للتعامل مع مثل هذه الأمور بطريقة بعيدة عن المجال الرياضي، لأنه اتهام جنائي صريح، وسبق أن تعاملت الجهات الأمنية مع محاولات تهجم على الحكام بعيدا عن تحميل الأندية لأنها لا تملك السيطرة على الجماهير مثل الأندية الأوروبية التي تبيع التذاكر عن طريقها وتعرف الأشخاص في كل مقعد، ويصعب تحميل الأندية المسؤولية بقدر ما تتحملها الجهة المنظمة للدوري». وبرر مثل هذه التصرفات بالاحتقان الجماهيري الناجم عن تصريحات مسؤولي الأندية «دون وعي بخطورة ما يقال والتعصب الرياضي الموجود بين الجماهير في التنافس غير الشريف، وأتمنى من مسؤولي الأندية الابتعاد عن اتهام أي شخص أو جهة بشكل علني ومباشر لأنه ينعكس على الجماهير، خاصة في ظل انتكاسة الوعي بشكل مخيف». وبرأ الجاسر ساحة لجنة الانضباط على اعتبار أن الاتحاد السعودي هو المسؤول للتنسيق مع الجهات الأمنية «لجنة الانضباط مسؤولة عن الرياضة داخل الملعب، أما إذا كان هناك شغب من الجماهير فإنها تتدخل في مواقف معينة». وشدد على أهمية الوقوف مع الحكم فهد المرداسي الذي قاد المباراتين لأنه حكم شاب وقادم بقوة للنجومية، وألا تكون هذه إساءة شخصية للحكم وأن تكون فقط مصادفة «أعتقد أن مثل هذه الحوادث تحتاج إلى عقوبات حازمة تجاه الجماهير لإيقافها بشكل سريع وفوري». التشكيك والفساد وعلى الصعيد الجماهيري أكد المشجع الأهلاوي عبدالعزيز الشنبة أن مثل هذه الظاهرة تسيء للكرة السعودية وتسيء لنا كمسلمين «هذا تشكيك في نزاهة حكامنا السعوديين، وكرة القدم لا تخلو من الأخطاء، وأرى أن الغرامات والعقوبات حل رادع لأن النادي سيتأثر بالعقوبة وعندما يحاول شخص إخراج النقود سيجد آلاف الأشخاص الذين يصدونه». وشدد على أن سكوت لجنة الانضباط على هذه الظاهرة أدى إلى تكرارها. ويرفض الأهلاوي عادل العسيري مثل هذه التصرفات «يبدو أنها فئة تحاول تشويه السمعة بهذه الحركة الشنيعة ولجنة الانضباط لم تتعامل مع الموضوع بالشكل المطلوب ويجب معاقبة مرتكبي هذه التصرفات بمنعهم من دخول الملاعب لمدة لا تقل عن ستة أشهر». ويرى المشجع الهلالي فيصل القحطاني أنها اتهام لنزاهة الحكام بالفساد «هذه ظاهرة خطيرة جدا ودخيلة على رياضتنا والحل بيد لجنة الانضباط التي عليها تطبيق العقوبات وعدم تبرير المخالفة، ولكل ناد محام يستطيع أن يبرر ويدافع عن حقوق ناديه»، وأضاف «فوجئنا بلجنة الانضباط تبرر هذه الحركة وكأنها ترغب في استمرارها»، وأكد أنه ضد تدخل أي جهة أمنية أخرى في مثل هذه الأمور لأن لديهم ما يكفيهم من قضايا وأمور جنائية أخرى أهم من القضايا الرياضية التي من المفترض أن تكون من مسؤولية ومهام هيئة دوري المحترفين أو الاتحاد السعودي، وأوضح «فرض عقوبة لا تقل عن مئة ألف ريال تذهب للحكم ومضاعفتها في حالة تكرر المخالفة سيحد من انتشار مثل هذه الأمور». وأكد مهند المحمد أن الحكام بشر معرضون للإصابة والخطأ ولا يجوز الدخول في ذممهم، وتساءل «لو أن الحكم أجنبي وافتعلت الجماهير مثل هذه التصرفات «الصبيانية» هل ستمر مرور الكرام كما هي مع حكامنا السعوديين؟ أم أن الحكم الأجنبي لديه حصانة؟». وطالب بالعقوبة سواء مالية أو لمن يفعل أو من يعمل على تشجيع وتبرير هذه الظاهرة «ولا بد من الوقوف بحزم لمثل هذه التصرفات الدخيلة علينا»، وأضاف «الإعلام لم يتطرق تجاه هذه القضية الخطيرة على الرغم من أن عليه أن يحارب مثل هذه التصرفات والابتعاد عن التصاريح التي سببت لنا الاحتقان، وإذا لم تستطع لجنة الانضباط فعل شيء في القضايا التي لا تتعلق بالهلال فلا بد من تدخل هيئة دوري المحترفين، وأتمنى أن تصدر عقوبة على الجماهير المخطئة على أقل تقدير مباراتان فقط، ولكن يبدو أن لجنة الانضباط ليست صارمة». ويرى الكثير من الجماهير أن أخطاء الحكام ليست جسرا لتبرير الإخفاقات بأفعال مشينة تخل بسمعة البلد والرياضة السعودية «وأطالب رؤساء الأندية والمسؤولين في الإدارة بمحاولة توعية الجماهير وكذلك الحد من التصرفات الخاطئة، التي قد تضر بالنادي من خلال نقل مباراة إلى أرض الخصم وما شابهه».