لو أنصف المحللون السياسيون والإعلاميون وكانوا صادقين مع أنفسهم ومع الآخرين لسموا ما يحصل في المنطقة باسم الربيع الغربي بدلا من الربيع العربي، لأنه على الرغم من تضحيات الثوار في دول الربيع وما قدموه من شهداء أو قتلى وما نالوه من أذى وتعذيب وتشريد وما تعرضت له أموالهم وأولادهم ونساؤهم ومحارمهم من تنكيل واستباحة وعدوان آثم، إلا أن بلوغهم لغاياتهم وأهدافهم في إسقاط الطغاة في بلدانهم لم تكن لتتم لولا دعم الغرب لتحركهم، ذلك الدعم المادي أو المعنوي أو الاثنين معا، الذي كان العامل الرئيسي في رجحان كفة الثوار على الطغاة! ففي تونس التي بدأ فيها الربيع وصلت إشارة غربية إلى الجيش بألا يدعم الطاغية وإلا فإن عسكره ودسكره كانا كافيين لسحق أي انتفاضة شعبية، وفي مصر حصل قتل وسحل في الأيام الأولى للثورة ولكن الإشارات الغربية تصاعدت مؤكدة على وجوب تنحي الرئيس، وقد فهم الجيش الرسالة فوقف محايدا، ولما لم ينفع حياده أجبر الرئيس على التنحي بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من إعلانه تمسكه بالسلطة، وجاء تنحيه المزعوم على لسان نائبه الذي تلا بيان التنحي وهو يرتجف. وفي ليبيا كادت بنغازي وثوارها وسكانها تصبح لقمة سائغة في فم الطاغية الذي زحفت عليها كتائبه وجيشه الفاشي، وأحيط بها من كل جانب وأخذت الطائرات والمدافع الثقيلة في قصفها، ولكن الله سلم عندما أعلن الناتو تدخله العسكري وقيامه بعمل حظر جوي جعل سلاح الجو الليبي عاجزا تماما عن شن غارات على الثوار، بل دعمهم الناتو بقصفه لقوات القذافي في المدن والطرق مما مكن الثوار من الزحف حتى سقوط طرابلس وفرار الطاغية، فهل كان ذلك يتم دون تدخل الناتو؟ وفي المقابل فإن ثلثي الشعب اليمني وجزءا كبيرا من عسكره وساسته وقبائله طالبوا بتنحي رئيس النظام حتى وصلت المواجهات إلى نذر حرب أهلية ولكن لأن الإشارات الغربية نحو النظام اليمني لم تزل ضعيفة ومشجعة على المماطلة فإن الأمر لم يزل يراوح مكانه ولم يحسم لطرف ضد آخر، أما في سوريا فإن الوضع أسوأ بكثير حيث لم يزل الغرب يقدر ويفكر ويحسب ويجمع ويطرح ويضرب وعندما تتضح ملامح المصالح فإنه يقرر عندها دعم ربيع سوريا أو تجاهل ما يحصل، ولن يلام على بحثه عن مصلحته، وإنما يلام السفهاء الذين أضاعوا كل شيء للأسف الشديد. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة