قال لي أحد الأصحاب وكنا في سمر صفا فيه الحديث وأنست الأفئدة: عندي يا صديقي تلاوة لأحد الشيوخ وأحب أن تسمعها وتخبرني بعدُ من القارئ وما رأيك في تلاوته. بحث صاحبي في ذاكرة هاتفه الجوال ثم قال هذه هي التلاوة فتأمل؟ أخذ القارئ يتلو بصوت شجي خاشع مرتلا سورة المزمل، وازدحمت في ذاكرتي ذكريات لعلماء سمعت لهم تلاوات قرآنية مثل الشيخ ابن باز وابن إبراهيم وآخرين رحمهم الله، ولما رأى صديقي طول صمتي قطعه بإعادة السؤال قائلا هل عرفت القارئ وما رأيك في التلاوة فقلت إنها تلاوة حسنة لشيخ خاشع عظم القرآن واستحضر مهابته واستضاء بنوره لكنني لم أعرف القارئ قال إنه الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، فاجتمعت حينها دواعي سرور عندي أحب إتحاف قارئ المقال بشيء منها: أول ذلك أن الملك عبدالعزيز رحمه الله لم تنحصر أمجاده في نبوغه السياسي والعبقرية الاجتماعية في بناء الدولة وإنما كان مجددا لأمر الدين ورائدا في علوم بناء الإنسان وحسن توجيهه ومن دلائل ذلك ذرية نشأت على تعظيم الكتاب والسنة وتعظيم شعائر الله والتيقن بأنه لا توفيق إلا بالله وأن ما عند الله من رحماته وبركاته لا يستنزله العباد إلا بطاعته سبحانه والتضرع إليه، ثم خالجني شعور آخر بأن هذه الذرية المباركة والشجرة الطيبة من آل سعود تستمد ثباتها على طريق التوحيد والسنة من خضوع لله وتشرف بالتذلل له سبحانه وسؤاله والاستعانة به والافتقار إليه هذا هو سر التمكين لهم رغم ما يواجهون من حملات مفكرين خارجية تعيب على هذه الشجرة لزومها طريق الإسلام الحق الذي ينادي بالسماحة والوسطية. وذكرني التأثر بالقراءة ما يرويه الذين التقوا الأمير سلمان إنهم وجدوا الأمير يلقى الناس بتواضع وتعطف وسخاء وحسن خلق فسبحان من تلين بكلامه القلوب وتصلح بمناجاته النفوس وتحسن أخلاق المرء بالاقتداء برسوله عليه الصلاة والسلام. وإذا أردت أن تعرف ما الذي زين الأمير سلمان وإخوانه بمعرفتهم حقوق أهل العلم والدعاة إليه سبحانه وجعل تلك الثلة قاضية لحاجات عامة المسلمين فتذكر أن القرآن يورث تاليه العلم بحقوق العباد والحرص على القيام بها طاعة لمن القرآن كلامه ثم نبهني جمال تلاوة الأمير سلمان إلى التعرف على بواعث في نفس الأمير جعلته رائدا في رعاية حلقات تحفيظ القرآن مع حرصه على إخفاء تلك الدواعي إلا أن ثمار جهوده وجهود إخوانه أشرقت بها الديار السعودية وتزينت بها بيوت الله أتدرون ما تلك البواعث إنه حب القرآن وحب أهله وإنزالهم منازلهم وإكرامهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن من إجلالِ الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحاملِ القرآنِ غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطانِ المقسط ». رواه أبو داوود في سننه وقال الشيخ الألباني حسن. * المشرف العام على الدعوة والإرشاد وخطيب جامع الخندق بالمدينة المنورة. [email protected]