تتمتع منطقة جازان بإرث تاريخي وثقافي كبير، في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية، وبرزت في المنطقة على مر العصور الماضية، أسر تبوأ أفرادها مراكز علمية وسياسية عدة، ومن أشهرها أسرة آل النعمي من الأشراف السليمانيين، الذين لعبوا دورا كبيرا في مجريات الأحداث السياسية خصوصا في عهد إمارة الأدارسة 1327 1351ه، وبداية انضمام المنطقة لركب الملك عبدالعزيز. ومن أشهر أفراد آل النعمي في تلك الفترة، مصطفى بن محمد النعمي، الذي كان من القيادات السياسية والإدارية البارزة في إمارة الأدارسة، وواليا على رجال ألمع في تهامة عسير من قبل الإمام محمد الإدريسي، وهو من قاد حصار القوات العثمانية لمدينة أبها في عام 1329ه ، ذلك الحصار الذي عرف في كتب التاريخ بحصار السيد مصطفى. وبعد وفاة الإمام محمد الإدريسي في عام 1341ه وتفشي الخلاف والصراع بين أبناء الأدارسة على الإمارة، تعرضت منطقة جازان لكثير من الفوضى والاضطرابات، حينها أدرك مصطفى النعمي خطورة الأخطار التي تحيط بالمنطقة، وأن الملك عبدالعزيز آل سعود هو الأقدر على حمايتها من الأخطار التي تحيط بها، عطفا على العلاقات الحسنة التي تربطه بالإمام محمد الإدريسي، والمعاهدة الحدودية الموقعة بينهما، فتوجه من رجال ألمع إلى مدينة جدة لمقابلة الملك عبدالعزيز، وكان وقتها يحاصر مدينة جدة، وعندما التقى بالملك شرح له الأوضاع المتدهورة في منطقة جازان، وحثه على إرسال قواته لحمايتها. ورغم انشغال الملك عبدالعزيز بحصار مدينة جدة، إلا أنه اهتم كثيرا بما يدور في جازان لمعرفته بأهمية هذه المنطقة الاستراتيجية، فضلا عن كونها جزءا من الدولة السعودية الأولى لذا قرر إرسال قواته لحمايتها. أبناء وأحفاد النعمي، عثروا في خزانته على كثير من الوثائق والمراسلات المتبادلة بينه وبين الملك عبدالعزيز، وأخرى بين أمراء الملك عبدالعزيز في عسير وجازان والطائف فضلا عن رسائل متبادلة بين رجالات إمارة الأدارسة تتعلق بالأوضاع السياسية والاقتصادية في منطقتي جازان وعسير، لذلك رغب عبد الفتاح النعمي حفيد مصطفى النعمي في إهداء هذه الوثائق إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز. وأثناء استقبال الأمير سلمان بن عبدالعزيز لأحفاد النعمي في مكتبه في المعذر أمس الأول، أثنى وزير الدفاع على منطقة جازان ومكانتها وأهميتها ودور رجالها في المساهمة في بناء الدولة السعودية الحديثة، معتبرا فرسان في منطقة جازان أحد أهم المناطق السياحية في المملكة، مؤكدا أن تعيين الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أميرا على جازان يعكس مدى الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة للمنطقة وأبنائها، واعتبرهم ركيزة أساسية من ركائز هذه البلاد، مشيرا إلى أهمية الوثائق التاريخية لحفظ تاريخ هذه البلاد، ووجه بحفظ الوثائق وعددها 200 وثيقة في دارة الملك عبد العزيز.