قرأت عبارة تتمثل فيها فكرة فلسفية تستحق التأمل. تقول العبارة: «لا تنتظر وصول السعادة كي تبتسم، ابتسم كي تصل السعادة». هذه العبارة تصف حال كثيرين منا، فنحن نقطب لأننا غير سعداء، ونظل مقطبين ننتظر أن تحل علينا السعادة لتمحو بيدها الرقيقة تقطيبنا وتهدينا بدلا منه ابتسامة، لكن هذه العبارة تنصحنا أن نفعل العكس فنأخذ نحن زمام المبادرة ونبدأ برسم الابتسامة على شفاهنا كي تحل علينا السعادة!! أين الحق؟ إنه لغز كلغز البيضة والدجاجة، كيف نبتسم إن لم نشعر بالسعادة، وكيف نشعر بالسعادة إن لم نبتسم!! وإلى أن تصلوا إلى حل لهذا اللغز، يمكنني الحديث إليكم عن الابتسام في حد ذاته بصرف النظر عن علاقته بالسعادة. الابتسام قوة روحية، لذلك من المفيد أن نبتسم دائما، أن نبتسم في لحظات الخطر، وفي الأزمات، وفي وقت الإحساس بالضعف أو الخيبة أو عند الشعور بالخوف أو غير ذلك من المواقف الصعبة. فنحن حين نبتسم، حتى وإن كان ابتسامنا افتعالا، نتمكن من ضبط أعصابنا والسيطرة على انفعالاتنا فنضحي قادرين على إطفاء جيشان الغضب، أو انهمار الدمع، فتتاح لنا بذلك فرصة أكبر للتفكير بروية واعتدال في البحث عن كيفية مناسبة للخروج مما أصابنا. الابتسام يقمع الانفعالات السيئة فلا تسيطر على صاحبها، كالضيق والغضب والصراخ أو البكاء أو الشتم واللعن أو غير ذلك من الانفعالات التي تحول بين الانسان والتأمل المثمر لمواجهة ما حل به، بل إن تلك الانفعالات قد تسبب له الوقوع في ردود أفعال كريهة، إن لم تضره فإنها لن تفيده في التغلب على معاناته. قد يرى البعض فيما أقول نوعا من الضعف والسلبية الذليلة، إذ كيف يواجه الإنسان ما يسوؤه بابتسامة!! وقد يرى فيه البعض الآخر مثالية افلاطونية بعيدة عن الواقع الفعلي، فمن المستبعد أن يوجد من يتمكن من الابتسام وهو غارق في بئر من الخطر أو الخوف أو الإهانة أو الإحراج حتى وإن نقبنا عنه بكل مكبرات العالم، إلا أن يكون إنسانا بليدا ميت القلب فاقد الحس! من المتوقع أن يكون هناك من يحمل مثل هذه الأفكار، فالاعتقاد الشائع بين كثيرين أن الإنسان وقت الشدة يصاب بما يشل قدرته على الاحتفاظ بالهدوء ورباطة الجأش ومن غير المتوقع أن يكون قادرا على الابتسام، فالقدرة على الابتسام عند مواجهة الأزمات، شيمة الأقوياء، وليس كل الناس كذلك. التبسم في لحظات التأزم، قوة وليس ضعفا، وهو فعل إيجابي وليس سلبيا، والتبسم هنا لا يعني الاستسلام، وإنما الاستعداد لخوض الجولة في حالة عقلية سليمة تعين على ترتيب الأفكار ومواجهة الموقف بنجاح. فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة