مشكلتي أني منذ الصغر أخاف من لفظ «الموت» خوفا فظيعا، فهل تنصحونني بقراءة حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم - الوارد عن البراء – رضي الله عنه - عن حال المؤمن عند الموت؟ أنا خايفة.. أرشدوني ماذا أفعل؟ الخوف من الموت أمر جيد، حين يكون في حدوده الطبيعية، فيذكر المسلم أن الدنيا مرحلة «انتقالية»، ومحطة انتظار بالنسبة للآخرة.. ولذا فالإنسان في هذه الدنيا عرضة للمشكلات والآلام، والتعب والنصب، خلاف الآخرة، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. بل حتى الشعائر التعبدية، لا يمارسها المسلم إلا في الدنيا، ليفرغ في الآخرة للنعيم المقيم. إن الفرق بين الدنيا والآخرة أن الإنسان في الآخرة يبقى في مرحلة عمرية تمثل أجمل مراحل العمر، فلا يتجاوزها؛ ليكون استمتاعه بالنعيم في أفضل صوره.. لكنه في الدنيا يستمر به قطار العمر سريعا، فإذا بصره وسمعه يضعفان، ويداه ترتعشان، وظهره ينحني، وجلده يتغضن، وقوته تخبو.. فيصعب قيامه، ويتعب من المشي، بل ويتعبه الأكل، وتكثر علله، وتضيق نفسه بمن حوله. ولعل مما يساعدك في التخفيف من مخاوفك، ما يلي: 1 - لو تجرأت وظللت تكررين كلمة «الموت»، بعفوية كاملة، لذهبت وحشتها، ولأدركت ألا خطر عليك من مجرد ذكرها، أو سماعها من أحد.. فمن المهم أن تتطبعي عليها، بل من الجميل أن تذكريها، وأنت تبتسمين، فليست هي نهاية المطاف. وكلما استوحشت من ذكرها، كبر عليك الأمر، وزادك مخاوفك، وازددت تجنبا لها. 2 - اقتلي الفكرة السلبية، في مهدها.. فإن شجرة الخوف، في أصلها، بذرة صغيرة، تقع في أرضية النفس، فلا تزال أفكاره السلبية تسقيها بالتفكير، حتى تصبح شجرة، تقذي عينه أغصانها، وتؤذيه أشواكها.. لكن حين يكون الإنسان منتبها، فساعة تعرض له فكرة أنه قد يموت، بسبب أمر يعيشه، حاول صرف تفكيره مباشرة، عن هذا الأمر.. بل ويساعد على ذلك – جدا - الابتسام.. ولو افتعالا.. فإن له دورا في إعادة التوازن بين الانفعالات النفسية، والعمليات العقلية، ومن ثم يستعيد الإنسان توازنه. 3 - إدراكك أن لكل إنسان أجلا، قدره الله - بحكمته وعلمه- لا يستأخر عنه ولا يتقدم عليه. وخوفك من الموت، - أيتها الفاضلة- لن يمنعه منك، حين يحين أجلك، ولكنه سيظل يفسد عليك أيام حياتك، التي يفترض أن تكوني فيها، في غاية السعادة. 4 - إن ما تعيشينه نوع من الفزع، وإن المداومة على ذكر الله، وترطيب اللسان به، يشعرك بالراحة والطمأنينة. كما أن كثرة الاستغفار تزيل الهم والغم. 5 - الاجتهاد في عدم الجلوس وحدك، في الوقت الراهن.. وحين تضطرين لذلك فمن المهم الانشغال بالأعمال العضلية والذهنية والثقافية.. كما أنه من الجميل ممارسة الاسترخاء.. وأخذ نفس طويل.. ومقابلة الأفكار السلبية، حين تهجم عليك، بالتبسم. المجيب: د. عبدالعزيز بن عبدالله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم