شكل غياب الأسماء البارزة في الثقافة السعودية عن ملتقى المثقفين السعوديين أمرا لافتا بالرغم من تأكيد المسؤولين عن الملتقى دعوة جميع المثقفين السعوديين في أنحاء المملكة، غير أن اللافت أيضا أن هناك غيابا للمثقفين والإعلاميين الحاضرين عن جلسات الملتقى حيث اقتصر تواجدهم في غرف وردهات الفندقين التي يقيمون فيها وهو ما جعل الملتقى أقل سخونة وحرارة وجدية، في الوقت الذي تفوقت فيه المرأة في تقديم أوراق طرح مميزين من خلال أوراق العمل والمداخلات. الواضح أن هناك ارتباكا وعدم وضوح رؤية للملتقى، حيث كانت حالة الارتجالية التي سادت الجلسات من تأخير وتقديم بعض الجلسات وتغيير عناوين الجلسات خير شاهد على ذلك مما أوقع بعض المشاركين في حرج شديد في عدم الاستعداد، وأيضا جعل البعض يقرر الانسحاب لعدم الجاهزية والمفاجأة بالتغيير، وهذا يعود إلى أن ثمة عناوين قدمت للجلسات والندوات لم تكن جاذبة ولم تشكل محاضن لأفكار تتصل بواقع ومستقبل الأجيال الجديدة التي كان من المفترض أن تكون قضاياها وهمومها وهواجسها حاضرة في الملتقى وهو ما جعل العناوين التي لم تكن جاذبة، غير ملامسة للقضايا الراهنة على ضوء المتغيرات في العالم العربي. لقد اتسمت أغلب الجلسات باللغة الإنشائية والتقريرية عبر عناوين سبق أن عولجت في ملتقيات سابقة مثل «الأسواق القديمة» التي كانت محور فعاليات سوق عكاظ إضافة إلى تكرار الوجوه والأسماء المشاركة التي شاركت في عدة ملتقيات محلية كسوق عكاظ، فيما طغى الحضور الإعلامي من كافة وسائل الإعلام على الملتقى، وغابت الغالبية من المثقفين والكتاب الجادين والكتاب البارزين المعنيين بقضايا الفكر والثقافة. الدكتور عبدالله العثيمين أمين عام جائزة الملك فيصل العالمية، حمل المسؤولين عن الملتقى الفوضى والارتجالية عند انسحابه من إحدى الجلسات التي كان مشاركا فيها اعتراضا على التنظيم والارتجالية، وهذا كان واضحا منذ الوهلة الأولى للافتتاح الذي أطلق عليه البعض «حفل مذبحة اللغة» نظرا للأخطاء اللغوية والنحوية التي سادت حفل الافتتاح. الكل يتساءل هل الملتقى جاء لمجرد تسجيل لتجمع ثقافي وإعلامي؟ ولماذا لم يكن على مستوى الطموحات التي كان ينبغي أن تكون أفضل وأكمل من حيث دقة المواعيد في الجلسات وإدارة الملتقى بالرغم من أن هناك أفكارا ورؤى طرحت في بعض الأوراق خاصة ورقة الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العامة للسياحة والآثار، وورقة الدكتور محمد الجاسر وزير الاقتصاد والتخطيط وبعض الأفكار التي طرحها نائب وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر، ولمياء باعشن وغيرهم، لقد ساد انطباع «كان ينبغي أن يكون الملتقى أكثر تنظيما وبعيدا عن الارتجالية مع وجود انتقائية للمدعويين من المثقفين ودعوة الذين هم أكثر التصاقا بالواقع الثقافي السعودي»، حيث ردهات الجلسات والأحاديث الجانبية.