ما إن ظننت أنني حركت ساكنا في مقال الأسبوع الماضي حول التعليم الجامعي: (كليات الحسب والنسب) حتى صدمت ب«الفضيحة الثقافية» التي أزاحت الستار عنها مؤسسة الفكر العربي في تقريرها السنوي الرابع عن التنمية الثقافية في العالم العربي المجيد بكل ملايينه التي تصل إلى حوالي 350 مليون نسمة، صدمت ولم أفاجأ وملخصه أن نسبة القراءة في العالم العربي ست دقائق في العام للفرد مقابل 200 ساعة لنظيره الأوروبي وعدد سكان القارة العجوز حوالي 708 ملايين نسمة منها ما يزيد على 100 مليون نسمة في القسم الأوروبي من روسيا؟! أي أن العدد الإجمالي لهم يزيد على ضعف عدد السكان العرب وهو ما يزيد في نسبة الإحباط فينا سواء في عدد الكتب الصادرة عندهم وعندنا أو في عدد المبيعات؟! فما إن يصدر الكاتب هناك كتابا حتى يتحول ربما من فقر مدقع إلى غنى فاحش، بينما الكاتب عندنا ما إن يصدر كتابا حتى يتحول إلى مدين تطالبه المطبعة بقيمة الطبع وبعدها تكاد تطارده شركة التوزيع ومعها المكتبات ليأخذ نسخه الرجيعة ليوزعها هدايا على من يريد؟ ولا أريد أن أزيد الجرح إيلاما فأقول حتى من المحسوبين على الثقافة يلقون بالهدية جانبا ويتركون الكاتب ينتظر حسنة المثقف المفترض بين يوم وآخر ليكتب عن الكتاب - هذا إذا كتب - كلمات لا تسمن ولا تغني من جوع يطير بها الكاتب المسكين وكأنه فاز بجائزة نوبل للآداب؟! التعليم العام والتعليم الجامعي ونظام القبول في الجامعات وانعدام البيئة الثقافية في المنزل هي التي أفرزت لنا هذا القحط الثقافي فجعلت من فعل القراءة نادر الوقوع وكأنه الحيوان الأسطوري المنقرض، ومع هذا القحط تفرعت الهموم بدءا من السلوك العام وانضباطه مرورا بأن النسبة المتدنية للابتكار وصولا إلى الشخصية المتهدلة لأننا لم نزل نمارس التلقين بدل التفكير وهدفنا الأساس سد باب الذرائع؟! كيف تستقيم الأمور لدينا وهذا هو الواقع المرير الذي نعيشه ولم نزل في دياجيه الحالكة وفي نفس الوقت نحلم بأن يكون لنا مكان بين الأمم؟! يا إلهي ست دقائق مقابل 12 ألف دقيقة، عندما حاولت أن أضرب كلا منهما في عدد السكان فضلت أن أضربهما بدماغي فما الذي أقحمني في هذه الهاوية الشائكة؟! ص.ب 13237 جدة 21493 فاكس: 026653126 [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 257 مسافة ثم الرسالة