عشت في كنف الجامعة عمرا طويلا طالبا ثم معيدا وباحثا ثم محاضرا، ورأيت من الفساد في مجال البحث العلمي تحديدا أشكالا وصورا وأساليب متعددة، وجميعها أخطر بكثير مما حدث في فضيحة مجلة (ساينس) وأعظم تأثيرا على المجتمع والوطن وجميعها كتبت عنها مقالات طويلة وعديدة. إن بعض الأبحاث العلمية والنظرية في جامعاتنا يقوم بها مجموعة من المتعاقدين الآسيويين، الذين لا يفشون سرا ولا يشتكون ولا يناقشون، وبعض البحوث (خاصة العلمية) المنشورة والمقدمة لطلب الترقية من قبل أعضاء هيئة تدريس سعوديين، لم يسهم فيها الأستاذ بأي جهد وقام بها الباحث المساعد كاملة، وليس عيبا أن يستعين الأستاذ بمساعد باحث أو أكثر، لكن العيب أن لا يعلم العضو شيئا عن مسار البحث ولا أرقامه ولا نتائجه وأحيانا لا يسهم حتى في كتابته، والخطير أنها أبحاث تتعلق بالوطن وبالمواطن في صحته وما يؤثر عليه وطبائعه وعاداته وأسلوب حياته بل وحتى (كروموزوماته) وجيناته الوراثية، وقد سبق أن كتبت أن الجامعة أصبحت شبيهة للمجتمع ففي المجتمع لكل أم خادمة تتولى أطفالها ومسؤولياتها باستثناء العلاقة مع الزوج وفي الجامعة لبعض الأعضاء مساعد يتولى أبحاثه ومسؤولياته العلمية باستثناء الاسم في النشر فإنه للعضو. الغريب هو الصدمة التي أحدثها تقرير (ساينس) وكأن الخلل العلمي جديد علينا، وأرجو أن لا يأتي يوم نستغرب فيه حدوث فضيحة فساد طبي لأنني حذرت مرارا من أن عمل الأطباء الحكوميين المخالف للأنظمة في مستشفيات أهلية وخاصة أثناء ساعات الدوام الرسمي ومساء ونهارا جهارا دون مسوغ نظامي بل وبالرغم من المنع هو مخالفة بدأت في مستشفيات الجامعة وأجبرت الجامعات على إيجاد مظلة نظامية لهذه المخالفة. وفي كلا المثالين الفساد العلمي والفساد الطبي لابد من التأكيد أن هناك من الأساتذة والأطباء الشرفاء لا زالوا يتمسكون بأخلاقيات المهنة ويعضون على الدين بالنواجذ وهم يخسرون دنيويا ويصابون بالغبن فالكاظم على دينه كالكاظم على الجمر. www.alehaidib.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 262 مسافة ثم الرسالة