قال صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية ذات يوم: «إن الأمن الفكري هو جزء من منظومة الأمن العام في المجتمع، بل هو ركيزة كل أمن، وأساس كل استقرار». هذه العبارات تحمل في طياتها مضامين ومدلولات عديدة وكبيرة وقد لاتكفي لشرحها المجلدات والموسوعات، إلا أنه يكفينا من القلادة ما أحاط بالعنق حيال شرح المبتغى والأهداف. وفي جامعات المملكة كراسي علمية بحثية تعنى بالأمن الفكري سواء أكانت متخصصة أم تشمل ضمنيا العناية بهذا الموضوع المهم الذي يمس كل أجزاء المجتمع دون استثناء. فهناك كرسي متخصص للأمن الفكري وهو كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري في جامعة الملك سعود، وكراسي عامة وشاملة تبحث ضمنيا موضوعات متعلقة بالأمن الفكري مثل كرسي الأمير نايف للوحدة الوطنية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وكرسي الأمير نايف لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجامعة الإسلامية وكرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي في جامعة الملك عبد العزيز. وهنا يقول مدير الجامعة الإسلامية الدكتور محمد العقلا: إن كراسي الأمن الفكري وخصوصا كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري يعزز هذا المطلب المهمات ويبحث بشكل حثيث حماية العقول من الأفكار الهدامة. وشدد على أن إنشاء الكرسي نابع من اهتمام الأمير نايف، مؤكدا أن ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رجل الأمن الأول في المملكة، وقد أثبت من خلال قيادته لوزارة الداخلية على مدى سنوات أنه يضع أمن البلاد واستقرارها في مقدمة أولويّاته، وقد قمع الله به وبجنود الوطن المخلصين مئات المخططات الإجرامية التي استهدفت أمن المواطنين وحياتهم، كما قضت جهوده حفظه الله على خلايا الفكر الضال واستأصلتها من جذورها. وأبان أن التعامل الحكيم من الأمير نايف مع الفئات الضالة بوضع القوة والحزم والشدة في مواضعها، واللين في موضعه هي التي أهلت سموه للنجاح في قمع هذه الفئات، إذ واجه الحرب بالحرب، غير أنه لم يغفل العناية بالمغرّر بهم من شباب الوطن وبناته، فقدم لهم من خلال لجان المناصحة ومراكزها كل العناية الفكرية والإنسانية لتأهيلهم للعودة إلى أحضان المجتمع، كما حرص على حماية الأمن الفكري للبلاد عبر إنشاء إدارة متخصصة للأمن الفكري بوزارة الداخلية. وقال العقلا: إن قيادة الأمير نايف للأمن في المملكة جعلتها من أكثر بلاد العالم أمنا وتلاحما، كما أبعدتها عن أوحال الفتن والاضطرابات، ومراتع الثورات والمظاهرات. أما الدكتور خالد الدريس المشرف على كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري في جامعة الملك سعود فيقول: لقد كان من توفيق الله لسموه، أنه منذ نحو 20 سنة أكد في مناسبات كثيرة على أهمية الأمن الفكري وضرورة العناية به، وليس اهتمامه بالأمن الفكري إلا جزء من اهتمامه الشمولي بالفكر عموما، وقد استمعت من أحد أبناء سموه عن مدى اهتمامه حفظه الله بتنشئتهم على العناية بالأمور الفكرية، ومدى عنايته الخاصة بالوقاية الفكرية في تربيتهم، بل أكد على أن سموه في جلساته مع أبنائه يؤكد دوما على أولوية الفكر على سائر الأمور الأخرى بعد التربية الدينية العقدية. وأضاف: لقد أخبرني أحد فضلاء الكتاب أنه عرض على سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية حفظه الله مرة كتابا له في الوطنية وما يتصل بها من هموم وشؤون وتأصيل شرعي إسلامي لها، فطلب سموه منه بعض النسخ الإضافية لأبنائه الذكور والإناث، وكان ذلك الموقف علامة مهمة تدل على أن أولوية الفكر في رؤية نايف بن عبد العزيز حقيقة أسرية قبل أن تكون رؤية مسؤول وأحد قادة الحكم المؤثرين في بلادنا، ويخبرني ذلك الفاضل عن الأثر الكبير الذي تركه ذلك الموقف فيه؛ لأنه أدرك أن هموم الوطن لدى سموه هي هموم بيته وأبنائه، فما يحبه لفلذات كبده يتمناه لعموم أبناء شعبه على السواء. وزاد: كل ما تقدم يرسخ بما لا يقبل الشك أن سموه سدده الله ذو عناية خاصة بكل ما يتصل بنماء الفكر وتطويره، ومن هنا جاءت عنايته بالأمن الفكري ضمن رؤيته عن الأمن الشامل، وتأكيده على أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر، وفي ظني الشخصي أن هناك جانبا مهما يجب أن تسلط الأضواء عليه في رؤية سمو ولي العهد للأمن الفكري، حيث إن رؤيته له أعمق مما قد يظنه البعض من اقتصاره على محاربة جماعات التكفير والتفجير فقط. وأكد الدريس أن رؤية نايف الإنسان والمسؤول تتمحور حول أولوية الفكر من حيث سلامته واستقامته على هدي الشريعة الغراء أولا، ثم بما يطوره وينميه بكل نافع ومفيد وإيجابي. وأبان أن الأمن الفكري كمصطلح وفق طرح الكرسي هو مشروع فكري تكاملي جذوره تتغذى من دوحة الكتاب والسنة، وجسوره تمتد لتتعاضد مع خطط التنمية الطموحة للإنسان والمكان. وقال المشرف العام على كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري: لذلك فإن من أهم الأمور التي قام بها الكرسي هي أنه قدم الأمن الفكري وفق رؤية كلية للحياة وإدارة شؤونها تعتمد على أولوية الجانب الفكري، فالفكر وشؤونه وما يتصل به، يشكل هاجسا محوريا لأي تنمية محلية أو دولية، فالأمن الفكري وفق رؤية الكرسي المستمدة من توجيهات ولي العهد الأمين يحفظه الله العميقة والسديدة، يمثل استراتيجية مستمرة ودائمة، تقودها رؤية رائدة. وأكد الدريس أن الأمن الفكري كما في رؤية ولي العهد حفظه الله التي اجتهد القائمون على الكرسي على ترجمتها واقعا عبر الاستراتيجيات والدراسات المنجزة ؛ يعد مشروعا نهضويا عملاقا لتجديد الفكر وإعادة تقويمه؛ ليكون مؤهلا للبناء الحضاري الفاعل. وأضاف: إن الأمن الفكري كما يطرحه الكرسي وقاية لا وصاية، هو وقاية ذكية بناءة وفاعلة لا وصاية على العقول أو حجر عليها. هو وقاية إيجابية تتفاعل مع كل مستجدات العصر بفكر ناقد يبني الشخصية القوية على هدي الكتاب والسنة. وأردف قائلا: هو مشروع وطني يؤلف بين أبناء الوطن، ولا يسمح بالفتنة والشقاق، مشروع يعزز المناعة الفكرية الذاتية لكل فرد في المجتمع، ويتآخى في ود ووئام مع حرية التعبير المنضبطة بثوابتنا الدينية والوطنية.