منذ فترة ونافذتي تحتفي بحمامة جانحة، تدندن بهدوء، وأنا خائفة أن أفتح نافذتي.. لئلا تجزع، فإذا بي أدهش هذا المساء، أنها كانت ترقد على بيض ها هو أصبح نبضا وصوتا.. تلك الأوركسترا الصغيرة ستكبر يوما، ستعلم كيف تعانق السحاب. كيف تصغي لصوت الموج وهو يحدث الصخور عن حكايات البحر.. ستدرك أن الريش الصغير يصبح جناحين قد يحجبان الشمس عن ناظر الأرض.. ولو في عيني كائن ولد ليكون على السطح فقط.. أتذكر كيف أني مكثت أياما وأنا أتعجب من إصرار هذه الحمامة على عدم التحليق. كنت أقول بنفسي أتراها قد أزعجها رؤية الأشياء فأحبت أن تختلي بنفسها.. أن تعيد ذاكرة الماضي بعينيها.. فإذا بالمسألة أكثر من هذا، إنه خوف الأمومة، إنه إحساس الدفء. إنه مشهد الحلم حين يستفيق على واقع يشابهه فيتلمسه ويشتمه ليوقن أنه واقع. إنني أصغي لدقات قلبها تسارع تلك الساعة العتيقة على الجدار، إنها تريد الحياة أكثر منها.. قد لا تدرك أن نوفمبر يسجل الآن تاريخ ميلادها مع بداية الشتاء، قد لا يعني لها هذا الوقت بالتحديد أكثر من أنها بدأت تدرك كيف تعيش الحياة كيف تلتقطها من فم المستحيل.. كيف لا تضيع ساعاتها هدرا وهي تعد دنانير الثواني.. ولكن الغريب أن تفرخ بهذا الوقت، والليل يسدل ستاره والقمر ما يزال في مهد الطفولة.. كأني بها تفتح عينيها ببطء، تعض بفمها لتكتشف كيف تولد الرغبة. أترى كان قدرها أن تخرج من الظلام لتعيشه فترة أخرى كأنها بين فترة الجاهلية والرسالة، حتى إذا أتاها النور عرفت قيمته وآمنت به.. سويعات تفصلها عن وجه آخر للحياة، ستراه أكثر وضوحا أو أكثر فضوحا. حسناء محمد