لأول مرة أتأمل نفسي.. أبدو أنيقا وأنا ألبس سروالا أسود وقميصا أبيض مكويا بعناية هي كل ما أحرص على الاحتفاظ به من ملابس جديدة لاستعمالها في المناسبات أو عندما أقصد مكانا ما لقضاء حاجة مهمة. الساعة تشير إلى الثانية بعد الزوال. الرجال والنساء يهرولون في كل اتجاه.. اقرأ الوجوه ما بين عبوسها ومنشرحها وأخرى لا تكاد ملامحها تبين أي نوع ينتمي إليه صاحبها. أجول بناظري في الشارع المقابل بعضهم يجلس في مقهى يحتسي كأسا من الشاي المنعنع ويتصفح جريدته وبعضهم يبدو أن عادته هي الجلوس في المقهى ومراقبة المارة لا غير. تمر سيارات فارهة، أصحابها يرتدون بدلات أنيقة وربطات عنق بكل الألوان يطلقون أبواق سياراتهم بمناسبة وبغير مناسبة. فتاة في منتصف العشرينات من العمر سرعان ما لفتت انتباهي تنظر إلى الواجهات الزجاجية وتدقق في أرقام المباني بدهشة ممزوجة بارتباك. تمسك في يدها جريدة.. كانت تبدو كمن يبحث عن شيء ما.. عن عنوان ما. ورويدا رويدا بدأت تقترب من الجسر الذي أقف بجانبه.. كانت تبدو فتاة متعلمة، الشيء الذي لا يمكن أن تخطئه عين أي كان. بخجل واضح وحياء يرسم على وجهها لوحة قزحية تقدمت نحوي: - من فضلك سيدي الرقم 368 شارع الكرامة؟ - على اليمين قبالة مدرسة الشرف. - شكرا سيدي. ارتسم على وجهها فرح طفولي ثم أسرعت الخطو نحو العنوان. العنوان الذي لم يكن إلا مقرا لوكالة تشغيل.. لقد كنت هناك بنفسي هذا الصباح غير أنه لم يكن هناك أي فرصة عمل كيفما كانت ولأي كان. زاكي عبد الرحمن - مدينة تزنيت – المغرب