حينما نريد إصلاح الفكر، فإننا نعلم سلفا، بأن ذلك الفكر مبرمج على موروث ومتوقف عن تلقي أي تطور ومغيب عن محاولة فهم الواقع أو البحث عن حقائقه وتغييراته. وما يحتاجه صاحب هذا الفكر هو أن يتعلم كيف يعمل ببصره وبصيرته وكيف يستنتج ويفكر ويراجع نفسه ويستفتي عقله، ولكن ما يحدث أحيانا هو تسويغ تبعية من الناس بلا استقلال ذاتي، صناعة التبعية العمياء من جهة والعداء والتفرقة والنزاعات من جهه أخرى تلك التي عمل عليها الفكر الضال بعملية آيديولوجية تتقن فن التلقين والتخدير للمتلقي، وعلى الجانب الآخر يلقن المثقف طريقته التي قد تحتمل الصواب أو الخطأ بنفس الطريقة وكأنه يصنع نسخا منها تردد ما لا تشعر به وما لا تدركه ويسهل التأثير على هذه النوعية من الناس التي تستجيب لما حولها بالعواطف دون المراجعة العقلية.. هنا يتجلى الفرق بين فاعلية التعليم وإفساد التلقين، فينتج لدينا قطيع «مطور» كل محتوى عقلي منه عبارة عن خليط من المناهج والآراء والتناقضات بالتالي تنتج لدينا ثقافة مشوهة. إن إصلاح الفكر (رسالة سامية) يلزمنا أن نسلك كل الطرق الصحيحة لتحقيقها هدف (الوحدة والإنتماء) ولأجل صناعة الاستقلال الذاتي وإصلاح العقول التي نحقق بإنتاجيتها تميزنا وحضارتنا ونهضتنا الثقافية. بعض المثقفين الذين يعلمون جيدا ماذا يتوجب عليهم في طريقة إيصال الفكر من ضوابط الحوار ومنهجية النقد ويدركون ماذا تعني ثقافة الاختلاف التي تبنى على العلم والمعرفة وهم أفضل بكثير من غيرهم لكنهم لا يعملون بمنهج المغالطات المنطقية في مواجهة التيارات المخالفة بل إنه يتعمد أسلوب المواجهة والوقوف ضدا ل ضد ذلك الذي يؤدي إلى اصطدام وخروج تام عن أهداف إيصال الفكر أو إصلاحه. مها الشهري