يذكر القارئ العزيز المقالات الثلاث التي كتبتها في «عكاظ» قبل حوالي عام كامل تحت عنوان (من يحمى المواطنين من شركات الاستثمار وصناديقها المريبة)، ثم المقال الذي كتبته أيضا في «عكاظ» قبل قرابة خمسة أشهر بعنوان (صناديق استثمار مخيفة)، وآخر قبل حوالي شهر واحد بعنوان (اللجان الشرعية وما أدراك..). وقد حاولت أن أحذر القارئ من الصناديق الاستثمارية التي تطلقها شركات استثمار معروفة تتبع لبنوك عالمية ومحلية، مثل تلك المؤسسة المالية تدعى أنها (بنك العالم المحلي) وتمتلك أيضا نسبة من بنك سعودي معروف. وحاولت أيضا أن أوضح للقارئ أن جميع تلك الصناديق تختبئ خلف شعار (متوافق مع الشريعة) للتغرير بالمستثمر وجذبه للمساهمة في هذه الصناديق الغامضة والخاسرة، بينما هي في الواقع لا تهتم لا بشريعة ولا شرعية ولا حتى بأنظمة استثمار دولية تطبق في أمريكا وأوروبا. وهي هذه المؤسسات المالية بمختلف صناديقها الاستثمارية توظف لجانا شرعية صورية، وتدفع لهم رواتب ومكافآت عالية لتبرير تعاملات صناديقها المريبة وإضفاء الشرعية عليها. الهدف من هذه الصناديق هو تحقيق أعلى ربحية ممكنة لشركات الاستثمار نفسها التي أصدرتها وسوقتها، وليس للمستثمرين. أما لجانها الشرعية فهي مجرد (واجهة) فقط. وللعلم، فإن عضو هذه اللجان الشرعية يتقاضى عادة أكثر من عشرين ألف ريال سعودي للجلسة الواحدة (ليس في الشهر)، وقد تكون هناك ثلاث أو أربع جلسات شهريا، كما أن عضو اللجنة الشرعية قد يكون عضوا في خمس لجان وأكثر، وعليك الحساب. هذه المؤسسة الاستثمارية المعروفة عالميا، وحسبما قرأت قبل يومين في صحيفة محلية، أصدرت الآن صندوقا استثماريا جديدا تحت نفس المسمى والشعار المعروف عنها، وتسوق له الآن في المملكة على أنه صندوق للتبادل التجاري بين عدة صناديق (إسلامية)، ويحقق نجاحا «خارقا» وأرباحا «خيالية» كما صرح المسؤول الإداري السعودي في هذه الشركة، وأن هذا الصندوق الذي «تفضلت وتكرمت» الشركة الاستثمارية المعروفة وطرحته لأول مرة في السوق السعودية لخدمة المستثمر السعودي، يتمتع بالشفافية والبساطة، وملائم أيضا (كالعادة وكما تتوقع ياعزيزى القارئ) للشريعة!! نفس الكلمات ونفس الشعارات التي أطلقتها هذه المؤسسة الاستثمارية على صناديقها السابقة. ولكنهم لا يوضحون لنا أية شريعة يقصدون، شريعتهم هم في الاستحواذ على أموال المستثمرين، أم الشريعة الإسلامية السمحة!. هناك المئات من المستثمرين السعوديين الذين لديهم من القصص والحكايات عن صناديق استثمارية هذه الشركة (وغيرها من الشركات الاستثمارية الأجنبية) ما يبكي ويضحك في وقت واحد، وكيف تبخرت أموالهم واستثماراتهم في غضون عدة أشهر بعد أن وضعوا أموالهم في هذه الصناديق. يبدوا أنها صناديق ذات خاصية عجيبة، فهي تستطيع تحويل كل ما يدخل فيها من أموال إلى بخار «شرعي»، وتستطيع «شفط» أموال المستثمرين (الخليجيين بالذات) من بعد آلاف الأميال، وأن تحلق بها بعيدا وتتوارى كما تحلق الحدأة بالجيفة. اكتشفت شركات الاستثمار الأجنبية تمسك المواطن السعودي بالشريعة، واستطاعت استغلال ذلك بشكل جهنمي أو شيطاني. فالتمسك بتعاليم شريعتنا الإسلامية هو نقطة قوتنا بالفعل، ولكن هذه الشركات الشيطانية التي لا يهمها سوى تكديس الأموال والأرباح بأية وسيلة واستباحة رؤوس الأموال الخليجية، حولت تمسكنا بالشريعة إلى نقطة قوة لها هي وإلى نقطة ضعف لدينا. وها هي هذه الشركات لا تزال تصدر صناديقها السوداء وتسوق لها تحت الشعار الضبابي المخادع «مطابق للشريعة»، وستبقى تصدرها وتسوق لها إلى أن تجد الجهة الرسمية القوية التي تردعها وتمنعها من ذلك تماما، أو إلى أن يكتشف كافة المستثمرين هذه الخدعة وهذا الوهم، وأن الشركات الاستثمارية لا تعترف بأية شريعة سوى شريعتها هي، فيمتنعون عن المساهمة فيها والوقوع في حبائلها. كم أتمنى أن يكون في إمكاني مقاضاة كل شركة استثمارية (أجنبية أو محلية) تسيء استغلال هذا الشعار لتضلل به المستثمر السعودي والخليجي وتجذبه إلى صناديقها الاستثمارية السوداء. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 129 مسافة ثم الرسالة