الشعب السعودي عموما، وكأي شعب مسلم، يخاف الله ويخاف أن يرتكب ما يغضب الله ويخالف تعاليمه وشريعته. وإذا أردت أن تدخل الرعب في قلب المواطن السعودي، رجلا أو امرأة، فما عليك سوى أن ترسم أمامه شبح أموال «الربا». بعض البنوك والكثير من المؤسسات المالية الأجنبية، انتبهت إلى هذه الحقيقة وعرفت كيف تستغلها أسوأ استغلال. فعندما تريد بعض البنوك والمؤسسات المالية، سواء المحلية أو الوافدة، أن تقوم بعملية التفاف على المستثمرين والمواطنين السعوديين، وتجتذب مدخراتهم وأموالهم، فإنها تلجأ إلى فتاوى «لجنتها» الشرعية لكى تطمئن الناس على شرعية استثماراتهم. وعندما ترغب تلك البنوك وشركات الاستثمار في تمرير صندوق استثماري تمتص به أموال المستثمرين كما تمتص قطعة الإسفنج قطرات الماء المسكوب، فإنها تلجأ إلى تفسير «لجنتها» الشرعية لتؤكد للمستثمر السعودي أن الصندوق «حلال في حلال»، أي أن هذا الصندوق سوف «يلتهم» أموال المستثمرين بطرق شرعية أحلتها «لجنتها» الشرعية. وعندما يفلس الصندوق الاستثماري وتتبخر أموال المستثمرين «والعوض على الله يا ولدي»، تلجأ البنوك إلى «لجانها» الشرعية لتبرير ما حدث. وعندما يواجه المستثمر اللجان الشرعية بأن المعاملات التي اتبعها الصندوق الذي تم تسويقه على أنه يتبع الشريعة الإسلامية، لم تكن في الواقع تلتزم بتعاليم الشريعة بل تخالفها مخالفة صارخة، تقول لك اللجنة الشرعية إنها لا تتابع تعاملات الصندوق وإنما فقط هيكليته!! هكذا!! وهكذا تتخذ بعض البنوك وشركات الاستثمار من لجانها الشرعية درعا واقيا ومبررا «شرعيا» لوسائلها المبهمة والمتعددة في امتصاص أموال المواطنين ومدخراتهم. من المعروف أن البنوك وشركات الاستثمار المالية هي اختراع جهنمي استغلالي هدفه تنمية رأس المال ومن ثم استثماره أو المتاجرة به بشتى الطرق، وتكديس الأموال. «قرأت قديما أن المرابي اليهودي كان يطلب ضمانات من المصاغ الذهب مقابل ما يقرضه من المال، ثم يجمع القطع الذهبية فى كيس من الخيش ويرجها بين آونة وأخرى إلى أن يحصل في النهاية على بودرة أو دقائق الذهب في قاع الكيس، ثم يعيد القطع الذهبية إلى أصحابها بعد أن يسترد ماله مع الفوائد، فيربح من المال ومن الذهب». لا يمكن إنكار أن للبنوك وظيفة مهمة ومفيدة للمجتمع، وهو تجميع أموال المستثمرين وإدارتها وتوظيفها في مشاريع تنموية تخدم البلاد والعباد. وفى مثل هذه الحالة تعود الفائدة على جميع الأطراف، وعلى المجتمع، وهو ما يحث عليه الشرع. ولكن العمل الرئيسي لبنوك اليوم هو الإقراض وتقديم صناديق استثمارية للمستثمرين مسنودة بلجان شرعية لإراحة وطمأنة المستثمر المسلم، وغالبا ما تعود على البنوك ولجانها الشرعية بالربح الوفير، وعلى المستثمر بالحسرة والخسارة. أعرف الكثير من شيوخنا الأجلاء، يرفضون العمل في مثل هذه اللجان الشرعية، ويرفضون أن تقحم أسماؤهم كمراجع لهذه المؤسسات المالية. الواقع أنه لا توجد هناك هيكلة شرعية لأي جهاز مالي، وإنما يمكن القول إن هناك «تعاملات» مالية شرعية، وأخرى غير شرعية. فنحن نحاول قدر المستطاع ألا نقع في شرك الربا على سبيل المثال، ولكن هناك من أفتى من شيوخ المسلمين أن الفائدة التي تدفعها البنوك على المال العامل المنتج هي حلال وليست ربا، وهناك من أفتى أنها ربا، وهناك من يقول إذا ما سألته عن الحقيقة «استفت قلبك»، وهكذا. أقترح أن تقوم هيئة سوق المال بالتنسيق مع مؤسسة النقد بإنشاء لجنة شرعية مركزية في كل منطقة من مناطق المملكة للتأكد من شرعية الأعمال المصرفية للبنوك وشركات الاستثمار، وتسدد مكافآت أعضاء هذه اللجان مباشرة من الدولة من خلال رسوم خاصة تفرض خصيصا لهذا الغرض على جميع الأعمال المصرفية وصناديق الاستثمار. بهذا تتحرر تلك اللجان من سيطرة البنوك وشركات الاستثمار عليها، ونضمن حيادية اللجان الشرعية في قراراته ودراساتها، وتطمئن قلوبنا. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 129 مسافة ثم الرسالة