ذكرنا الأسبوع الماضي مثالا حيا على الخداع والحيل والألاعيب التي تتبعها بعض المصارف والشركات المالية الاستثمارية، والتي وقع في حبالها الكثيرون من أبناء المملكة من جميع الطبقات، وفقد بعضهم معظم أمواله. وتحدثنا عن مؤسسة مالية أجنبية يتكون اسمها من أربعة حروف إنجليزية، استطاعت بالتعاون مع بنك محلي تسويق صندوق عقارات في المملكة والخليج ( محظور تسويقه في أمريكا وأوروبا ) تحت الادعاء بأنه صندوق استثمارى إسلامي. غير أن تلك الشركة الاستثمارية الأجنبية ( سجلت اسمها حديثا لدى هيئة سوق المال ) وبالشراكة مع البنك المحلي المعروف، وبعد أن جمعا أكثر من ستمائة مليون دولار من مستثمرين سعوديين وخليجيين، قاما باقتراض ماقيمته مائة وخمسون في المائة (150%) من رأس المال المتجمع لديهما، وذلك من بنوك تجارية ربوية بعضها في أمريكا، بل إن واحدا على الأقل من تلك البنوك هو مالك للشركة الاستثمارية الأجنبية ويحمل نفس اسمها، وهكذا على عينك يا تاجر، مما يعنى أن هناك تضاربا في المصالح ومحاباة في التعامل المالي والاقتراض، ومخالفة للأعراف المالية والتجارية السائدة. والغريب أن الشركة الاستثمارية الأجنبية (وحليفها البنك المحلي) تدعي أن كل هذا قد تم بمباركة لجنة شرعية تعمل لديها بأجر، فلا غرابة إذن أن تفتي لجنتها الشرعية بجواز هذا الفعل.. أي تشريع، وأية لجنة، وأي مشرعون هؤلاء ؟ كما أنه ليس غريبا أن يحاول الموظفون السعوديون العاملون في هذه الشركة تبرير ما تمارسه من خداع وتدليس على المواطنين للأسف، وبأساليب ملتوية. على أية حال، أخيرا توقفت الشركة الاستثمارية منذ حوالى نصف عام عن صرف الأرباح السنوية للمستثمرين التي وعدتهم بها حسب تعهدات إدارة الصندوق، ومنعتهم أيضا من بيع حصتهم والخروج من الصندوق، بل وأفادت المستثمرين أن الصندوق قد أوشك على الإفلاس وطالبتهم بإضافة أموال جديدة إذ إن الصندوق مجبر على تسديد القروض التي استدانها من البنوك الربوية «بمباركة اللجنة الشرعية الألمعية» بالإضافة إلى الفوائد المتراكمة على الصندوق، وبالطبع إلى جانب المكافآت والرواتب الخيالية التي يحصل عليها مديرو الصندوق وأعضاء اللجنة الشرعية، مما هبط بقيمة الصندوق بأكثر من ستين في المائة من قيمته الأساسية. ثم يعلن البنك والشركة الأجنبية أنه صندوق استثماري حسب الشريعة الإسلامية، تصوروا !! كل ما سبق، وأكثر من ذلك، يمثل مخالفات واضحة وصريحة لشروط الصندوق وطرق تعامله المالية التي استثمر فيه بموجبها المستثمرون الخليجيون، ولا أحد يسأل ولا أحد يدري !! باختصار، فقد المستثمرون الخليجيون استثماراتهم البالغة أكثر من ستمائة مليون دولار أمريكي، في صندوق تم تسويقه في المملكة عن طريق شركة استثمارية مالية أجنبية تعمل تحت مظلة بنك محلي معروف، بل وتمتلك الشركة الأجنبية نسبة لا بأس بها في هذا البنك المحلي المعروف جدا. ومن الغرائب أيضا أن جميع كتيبات ومراسلات وتقارير ووثائق واستمارات وعقود هذا الصندوق مكتوبة باللغة الإنجليزية فقط، وليس لها ترجمة عربية، وكأن الصندوق يسوق في دولة غربية وليس في دولة عربية إسلامية كبرى هي المملكة بالإضافة إلى دول الخليج الأخرى. ربما يكون هذا المثال سببا مباشرا لتدخل هيئة سوق رأس المال للتحقيق في هذه القضية ومعرفة التفاصيل، لتجنيب المواطنين مستقبلا من مثل هذه المآسي والتلاعبات بمستقبلهم ومصائرهم.. ولكن في المقام الأول، هذا إنذار واضح لكل مواطن سعودي أو مواطنة سعودية. لا حماية لكم بعد الله إذا تورطتم في صناديق الاستثمارات الأجنبية الوافدة علينا من قبل شركات أجنبية، سواء مشهورة أو غير مشهورة، حتى لو كانت تحت مظلة وبالتعاون مع بنوك محلية معروفة، وحتى لو أقسمت لكم أنها تعمل بموجب الشريعة الإسلامية وتحت إشراف لجنة شرعية. فالشرع الوحيد الذي تعرفه هذه الشركات الاستثمارية والبنوك التي ترعاها هو شرع خاص بها، خاص بكيفية مص دماء المستثمرين وتحقيق الأرباح الهائلة لنفسها وليس شرع الله وشريعة الإسلام، كما ألمح سماحة المفتي العام الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في خطبة الجمعة بتاريخ 4 محرم 1231 ه في جامع الإمام تركي بن عبد الله في الرياض. المستثمر السعودي معرض لخسارة أمواله وتحويشة عمره، إذا ما شارك في مثل هذه الصناديق المريبة الملتوية دون تدقيق واتخاذ كل ما يمكن من احتياطات.. ولكن كيف ؟. للحديث بقية. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 129 مسافة ثم الرسالة