أكد صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان أمير منطقة تبوك أن قيادة المملكة لا تتدخل في الأحكام الشرعية التي تقضي بالقصاص من القاتل ولكنها تدعو إلى العفو. وقال الأمير فهد بن سلطان لدى لقائه الأسبوعي مع المواطنين، في منزله البارحة الأولى، «ولاة الأمر في بلادنا لا يتدخلون في أحكام القصاص، لكنهم يسعون إلى الإصلاح بين ولي الدم وولي القتيل، لأن أحكام القصاص نافذة بحكم الشريعة الإسلامية». وأفاد أمير منطقة تبوك، أن ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين يطلب ممن يمثله أن يستدعي وكيل القتيل، ويبلغه أن الحكم الشرعي صدر بقصاص القاتل، لكنه يدعوه إلى العفو، ومراجعة النفس، انطلاقا من محبة ولي الأمر لعمل الخير، ومحبة في أبناء المملكة. وخاطب الأمير فهد بن سلطان المواطن محمد صالح الحميدي، الذي عفا عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى، «أنت إنسان مؤمن، وعملت شيئا لكي ترضي ربك قبل ترضي أحدا من البشر، وإن شاء الله لك الأجر في الآخرة، وعلمك غانم في الدنيا». وأكد أمير منطقة تبوك أن هذه الأعمال ليست غريبة على الشعب السعودي الذي عرف عنه الشيم والأخلاق العالية، مؤكدا أن الدين الإسلامي والأخلاق تحث على مثل هذه الأمور. ونبه الأمير فهد بن سلطان إلى المبالغة في الديات مقابل العفو، وقال «من الأمور المزعجة التي تزعج ولاة الأمر وطلبة العلم وهو المبالغات في الديات، فنرى اشتراطات بأرقام خيالية، وحتى لو جمعت تصبح مشاكلها أكبر في المستقبل، ومنطقة تبوك من أقل الناس مبالغة في الديات، والدين الإسلامي والأخلاق العربية الأصيلة لا ترضى بمثل هذه المبالغات». وكان محمد صالح الحميدي حضر السبت الماضي إلى مكتب رئيس محاكم منطقة تبوك سعود اليوسف وأعلن عن تنازله عن طلب القصاص عن عبدالله عطية العطوي 24 عاما، الذي قتل ابنه عبدالعزيز محمد الحميدي قبل ثلاثة أعوام، وجرت المصادقة على التنازل. وأوضح الشيخ سعود اليوسف رئيس محاكم منطقة تبوك بأن المواطن محمد الحميدي حضر له وأثبت تنازله لوجه الله تعالى بدون مقابل بعد توسط كثير من أهل الخير، مؤكدا أن هذه المبادرة تعد بذرة ونواة حسنة في أبناء هذا الوطن الذين يرجون الأجر والمثوبة من الله في مثل هذه الأعمال، وهذا من التسامح والعفو عند المقدرة، راجيا بأن يحذو أصحاب الدم ما حذاه الحميدي في التنازل وطلب العفو من عند الله. وقال اليوسف، إن المعفو عنه عبدالله عطية العطوي صدر بحقه حكم شرعي يقضي بقتله قصاصا وصدق الحكم من محكمة التمييز ومن المحكمة العليا. في حين قال المعفو عنه، عبدالله عطية العطوي من داخل أسوار سجن تبوك «إنني أدعو الله أن يجزي والد ووالدة القتيل خير الجزاء عنا في الدنيا والآخرة، ويجعل ما قدموه في موازين حسناتهم»، مؤكدا بأن له الآن في السجن ما يقارب ثلاث سنوات، حفظ خلالها كتاب الله واستفاد من الدروس والعبر التي كانت تقدم في السجن، مضيفا بأنه نادم أشد الندم على ما حصل في لحظة ضعف وحضور للشيطان. وأضاف «لي في السجن ثلاثة أعوام حفظت خلالها كتاب الله الكريم واستفدت من ما حدث لي، وأنا كل يوم أعيش في ندم وأحاسب نفسي ألف مرة على ما حدث مني في لحظة غضب كانت نهايتها إزهاق نفس ودخولي السجن والحكم علي بالقتل وكان موعد التنفيذ قريبا، لكن رحمة الله واسعة وأنا تائب إلى الله وعند خروجي سوف أذهب لبيت الله الحرام للعمرة، وإنني أدعو الله للمتوفى بأن يرحمه الله رحمة واسعة ويسكنه فسيح جناته». وقدم العطوي شكره وتقديره للعقيد منصور المطلق ونائبه العقيد رباح الشراري ولضباط الشؤون الدينية في سجن تبوك العام، على حسن تعاملهم وتذكيرهم بتقوى الله دائما. وأوضح صالح الحميدي، شقيق المجني عليه، أن مبادرة والده ووالدته يرجوان منها ابتغاء الأجر والمثوبة من عند الله سبحانه، داعيا الله أن يتغمد شقيقه بواسع رحمته.